هذا خطاب من اللّه تعالي لنبيه صلي الله عليه و آله يحثه علي أداء جميع ما بعثه به و أوحي اليه، و ينهاه عن كتمانه، و يشجعه علي الأداء، و يقول له لا يکون لعظم ما يرد علي قلبك و يضيق به صدرك من غيظهم يوهمون عليك انهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من امر ربك، و أنك تترك بعض الوحي و يضيق به صدرك مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا «لَو لا أُنزِلَ عَلَيهِ كَنزٌ» أي هلا انزل عليه كنز فينفق منه «أَو جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ» يعينه علي أمره بل «إِنَّما أَنتَ نَذِيرٌ» أي منذر مخوف من معاصي اللّه و عقابه «وَ اللّهُ عَلي كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ» أي حافظ يكتب عليهم أفعالهم و أقوالهم، و مجازيهم عليها، فلا تغمك أقوالهم و لا أفعالهم و لا يضيق بذلك صدرك فان وبال ذلک عائد عليهم. و ضائق و ضيق واحد الا ان (ضائق) هاهنا احسن لمشاكلته لقوله:
تارك، و الضيق قصور الشيء عن مقدار غيره ان يکون فيه، فإذا ضاق صدر الإنسان قصر عن معان يتحملها الواسع الصدر. و الصدر مسكن القلب و يشبه به رفيع المجالس و رئيس القوم لشرفه علي غير، و الكنز المال المدفون لعاقبته، و صار في الشرع اسم ذم في کل مال لا يخرج منه حق اللّه من الزكاة و غيره، و إن لم يكن مدفونا.
أَم يَقُولُونَ افتَراهُ قُل فَأتُوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَياتٍ وَ ادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُم صادِقِينَ (13)
هذه الآية صريحة بالتحدي و فيها قطع لاعتلال المشركين و بغيهم، لأنهم لما عجزوا عن معارضة القرآن قالوا: إن ما فيه من الاخبار كذب اختلقه و اخترعه أو قرأ الكتب السالفة، فقال اللّه تعالي لهم: افتروا أنتم مثله، و ادحضوا حجته فذلك أيسر و أهون مما تكلفتموه، فعجزوا عن ذلک و صاروا الي الحرب و بذل النفس و المال و قتل الآباء و الأبناء. و لو قدروا علي إطفاء أمره بالمعارضة لفعلوه