حجج‌ اللّه‌ و بيناته‌ ‌ أي ‌ ذاهبون‌ عنها و الغفلة ذهاب‌ المعني‌ ‌عن‌ النفس‌ و نقيضها اليقظة، و المراد بذمهم‌ بالغفلة ‌عن‌ آيات‌ اللّه‌ التعريض‌ بأنهم‌ تركوا النظر ‌في‌ آيات‌ اللّه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ يونس‌ (10): آية 93]

وَ لَقَد بَوَّأنا بَنِي‌ إِسرائِيل‌َ مُبَوَّأَ صِدق‌ٍ وَ رَزَقناهُم‌ مِن‌َ الطَّيِّبات‌ِ فَمَا اختَلَفُوا حَتّي‌ جاءَهُم‌ُ العِلم‌ُ إِن‌َّ رَبَّك‌َ يَقضِي‌ بَينَهُم‌ يَوم‌َ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيه‌ِ يَختَلِفُون‌َ (93)

‌قوله‌ «وَ لَقَد بَوَّأنا» اخبار ‌منه‌ ‌تعالي‌ ‌أنه‌ وطّأ منزل‌ بني‌ إسرائيل‌ و التبوّء توطئة المنزل‌ لصاحبه‌ ‌ألذي‌ يأوي‌ اليه‌، تقول‌: بوأته‌ منزلا تبويئاً و تبوأ، و باء بالأمر بواء ‌ أي ‌ رجع‌. و ‌قوله‌ «مُبَوَّأَ صِدق‌ٍ» ‌ أي ‌ منزل‌ صدق‌ ‌ أي ‌ ‌فيه‌ فضل‌ كفضل‌ الصدق‌، ‌کما‌ يقال‌: أخو صدق‌ و ‌قيل‌: انه‌ يصدق‌ فيما يدل‌ ‌عليه‌ ‌من‌ جلالة النعمة. و ‌قوله‌ «وَ رَزَقناهُم‌ مِن‌َ الطَّيِّبات‌ِ» ‌ أي ‌ ملكناهم‌ الأشياء اللذيذة. و الرزق‌ العقد ‌علي‌ العطاء الجاري‌، و دلت‌ ‌الآية‌ ‌علي‌ سعة أرزاق‌ بني‌ إسرائيل‌. و ‌قوله‌ «فَمَا اختَلَفُوا حَتّي‌ جاءَهُم‌ُ العِلم‌ُ» ‌قيل‌ ‌في‌ معناه‌ وجهان‌: أحدهما‌-‌ أنهم‌ كانوا ‌علي‌ الكفر فما اختلفوا ‌حتي‌ جاءهم‌ الدليل‌ المؤدي‌ ‌الي‌ العلم‌ ‌من‌ جهة الرسول‌ و الكتاب‌، فآمن‌ فريق‌ و كفر آخرون‌-‌ و ‌هو‌ قول‌ الحسن‌ و ‌إبن‌ جريح‌ و ‌إبن‌ زيد‌-‌ و ‌قال‌ قوم‌: كانوا ‌علي‌ الإقرار بالنبي‌ قبل‌ مبعثه‌ بصفته‌ و نعته‌، فما اختلفوا ‌حتي‌ جاءهم‌ معلوم‌ العلم‌ ‌به‌. و المنزل‌ الصدق‌ ‌ألذي‌ أنزلوه‌ ‌قيل‌ ‌فيه‌ ثلاثة اقوال‌: ‌قال‌ الحسن‌: ‌هو‌ مصر و ‌هو‌ منزل‌ صالح‌ خصب‌ آمن‌.

و ‌قال‌ قتادة: ‌هو‌ الشام‌ و بيت‌ المقدس‌. و ‌قال‌ الضحاك‌: ‌هو‌ الشام‌ و مصر.

و ‌قوله‌ «إِن‌َّ رَبَّك‌َ يَقضِي‌ بَينَهُم‌ يَوم‌َ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيه‌ِ يَختَلِفُون‌َ» اخبار ‌منه‌ ‌تعالي‌ انه‌ ‌ألذي‌ يتولي‌ الفصل‌ ‌بين‌ بني‌ إسرائيل‌ ‌في‌ الأمور ‌الّتي‌ يختلفون‌ ‌فيها‌.