اي لئلا يقولوا، و لا يجوز أن يکون لام الغرض، لأن اللّه تعالي لا يفعل بهم الزينة و يعطيهم و يريد منهم ان يضلوا بل إنما يفعل لينتفعوا و يطيعوه و يشكروه. و قال قوم: لو کان أراد منهم الضلال لكانوا إذا ضلوا مطيعين، لان الطاعة هي موافقة الارادة و ذلک باطل بالاتفاق. و قوله «رَبَّنَا اطمِس عَلي أَموالِهِم» إخبار عن موسي انه دعا علي قومه فسأل اللّه ان يطمس علي أموالهم. و الطمس محو الأثر تقول: طمست عينه اطمسها طمساً و طموساً و طمست الريح آثار الديار. فدعا موسي عليه السلام عليهم بأن يقلب حالهم عن الانتفاع بها كقوله «مِن قَبلِ أَن نَطمِسَ وُجُوهاً»[1] و الطمس تغير الي الدبور و الدروس قال كعب بن زهير:
من کل نضاخة الذفري إذا عرفت عرصتها طامس الاعلام مجهول[2]
و قال قتادة و الضحاك و إبن زيد و ابو صالح: صارت أموالهم حجارة.
و قوله «وَ اشدُد عَلي قُلُوبِهِم» معناه ثبتهم علي المقام ببلدهم بعد إهلاك أموالهم فيكون ذلک أشد عليهم. و قوله «فلا يؤمنوا» يحتمل موضعه وجهين من الاعراب:
أحدهما- النصب علي جواب صيغة الامر بالفاء او بالعطف علي «ليضلوا» و تقريره لئلا يضلوا فلا يؤمنوا. و الثاني- الجزم بالدعاء عليهم، کما قال الأعشي:
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوي و لا تلقني إلا و انفك راغم[3]
و قال الفراء: ذلک دعاء عليهم بأن لا يؤمنوا. و حكي الجبائي عن قوم ان المراد بذلك الاستفهام و الإنكار كأنه قال: إنك لا تفعل ذلک ليضلوا عن سبيلك.
و قال احمد بن يحيي ثعلب: هذه لام الاضافة، و المعني لضلالتهم عن سبيلك «اطمِس عَلي أَموالِهِم وَ اشدُد عَلي قُلُوبِهِم». و حكي البلخي: انه يجوز أن يکون ذلک علي التقديم و التأخير و تقديره ربنا ليضلوا عن سبيلك فلا يؤمنوا ربنا اطمس علي أموالهم. و قيل إن قوله «فَلا يُؤمِنُوا» خرج مخرج الجواب للأمر و معناه