- في قول مجاهد- و قال ابو الضحي و الجبائي معناه: لا يظهروا علينا فيروا أنهم خير منا.
و قوله «و نجنا» معناه خلصنا مما فيه المخافة و الشماتة. و انما جاز وصف اللّه تعالي بالرحمة مع كثرة استعمالها في الرقة لدلالة التعظيم علي انتفاء معني الرقة ان نعمه في الإسباغ و الكثرة تقع موقع ما تبعث عليه الرقة. و انما سألوا النجاة من استعباد فرعون و ملائه إياهم و أخذهم بالأعمال الشاقة و المهن الخسيسة.
وَ أَوحَينا إِلي مُوسي وَ أَخِيهِ أَن تَبَوَّءا لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيُوتاً وَ اجعَلُوا بُيُوتَكُم قِبلَةً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ بَشِّرِ المُؤمِنِينَ (87)
أخبر اللّه تعالي انه أوحي الي موسي و أخيه بمعني ألقي اليهما في خفاء و الإيحاء و الإيماء و الاشارة نظائر، و كله بيان و دلالة. و حكي الرماني أن قوماً أجازوا أن يوحي اللّه الي من ليس بنبي برؤيا أو إلهام، قال: و ليس يجوز عندنا علي المعني ألذي يقع الوحي الي الأنبياء، لأنه إنما يقع علي خلاف مجري العادة بمعجزة تشهد بأنه تعالي ألقي المعني اليه. و لا يجوز ان تطلق الصفة بالوحي الا لنبي فان قيد ذلک علي خلاف هذا المعني کان جائزاً، كقوله «وَ أَوحي رَبُّكَ إِلَي النَّحلِ»[1] و معني قوله «تَبَوَّءا» اتخذا يقال: بوّأته منزلا أي اتخذته له و أصله الرجوع من «باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ»[2] أي رجعوا، و المبوأ المنزل لأنه يرجع اليه للمقام فيه و منه قولهم (بؤ بشسع كليب) أي ارجع به. و قوله «وَ اجعَلُوا بُيُوتَكُم قِبلَةً» معناه مصلي. و قيل قبلة: مسجداً، لأنهم كانوا خائفين فأمروا بأن يصلوا في بيوتهم- في قول إبن عباس و مجاهد و ابراهيم و السدي و الضحاك و الربيع-