إبن عباس انه أراد الا قليل من قومه. و قيل كانت أمهاتهم من بني إسرائيل و آباؤهم من القبط. و قيل سموا ذرية لأنهم أولاد الّذين أرسل عليهم موسي فلم يستجب الاباء و قيل: الأبناء. و قيل: هم قوم من بني إسرائيل أخذهم فرعون بتعلم السحر و جعلهم من أصحابه. و يحتمل أن يکون ذرية علي وزن (فعلية) مأخوذاً من الذر كقمرية.
و الثاني- أن يکون علي وزن (فعلية) من الذرو في تذروه الرياح كقولك مزقته، و يجوز أن يکون من ذرأ اللّه الخلق فترك همزه. و الفتنة في الدين الامتحان ألذي يصرف عنه، و قد يکون ذلک بالإكراه تارة و بالهدي أخري، و بالشبهة الداعية الي الضلال. و قوله «إِنَّ فِرعَونَ لَعالٍ فِي الأَرضِ» فالعلو في الامر عظم الشأن فيه، و کل معني لا يخلو من أن يکون في صفة عالية أو دانية أو فيما بينهما من الجلالة و الضعة.
و الضمير في قوله «و ملائهم» قيل فيمن يعود اليه ثلاثة اقوال: أحدها- الي الذرية فقط. الثاني- الي فرعون و اتباعه. الثالث- الي فرعون، لأنه معلوم.
و قوله «وَ إِنَّهُ لَمِنَ المُسرِفِينَ» اخبار منه تعالي ان فرعون لمن جملة من أبعد في مجاوزة الحق. و الإسراف قد يکون في القتل و في الإكثار من المعاصي.
وَ قالَ مُوسي يا قَومِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُسلِمِينَ (84)
حكي اللّه تعالي عن موسي انه قال لقومه: إن كنتم صدقتم بتوحيد اللّه فتوكلوا عليه إن كنتم مسلمين و انما أعاد قوله «إِن كُنتُم مُسلِمِينَ» بعد قوله «إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللّهِ» ليتبين المعني بالصفتين من الايمان و الإسلام و بالتقييد و الإطلاق علي أن الثقة باللّه توجب الاستسلام لأمره. و التوكل التوثق بإسناد الامر الي اللّه. و الوكالة عقد الامر لمن يقوم به مقام مالكه. و اللّه عز و جل أملك بالعبد من نفسه فهو أحق بهذه