غممت الشيء إذا سترته، فالغمة ضيق الامر ألذي يوجب الحزن، و الغمة و الضغطة و الكربة و الشدة نظائر، و نقيضه الفرجة. و قيل (غمة) معناه مغطي تغطية حيرة مأخوذة من غم الهلاك. و قوله «فَأَجمِعُوا أَمرَكُم وَ شُرَكاءَكُم» فيه تهديد. و قوله «ثُمَّ اقضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنظِرُونِ» معناه افعلوا ما تريدون، علي وجه التهديد لهم، و انه إذا کان اللّه ناصره و عليه توكله فلا يبالي بمن عاداه و أراد به السوء فان اللّه يكفيه أمره. و قرئ بالفاء و معناهما متقاربان، و لان معني اقضوا توجهوا الي. و قال إبن الانباري معني «اقضوا» امضوا، يقال قضي فلان إذا مات و مضي. و معني «وَ لا تُنظِرُونِ» و لا تؤخرون.
فَإِن تَوَلَّيتُم فَما سَأَلتُكُم مِن أَجرٍ إِن أَجرِيَ إِلاّ عَلَي اللّهِ وَ أُمِرتُ أَن أَكُونَ مِنَ المُسلِمِينَ (72)
يقول اللّه تعالي لنبيه صلي الله عليه و آله تمام ما حكاه عن نوح انه قال لقومه إن «توليتم» اي هربتم عن الحق و اتباعه و لم تقبلوه و لم تنظروا فيه. و التولي و الاعراض و الانصراف نظائر. و قوله «فَما سَأَلتُكُم مِن أَجرٍ» اي لا اطلب منكم اجراً علي ما أؤديه إليكم من اللّه، فيثقل ذلک عليكم. و الأجر النفع المستحق بالعمل. و الاجرة مضمنة بشريطة او مجري عادة. و قوله «إِن أَجرِيَ إِلّا عَلَي اللّهِ» اي ليس اجري في القيام بأداء الرسالة الا علي اللّه.
و قوله «وَ أُمِرتُ أَن أَكُونَ مِنَ المُسلِمِينَ» معناه قل لهم: أمرني اللّه بأن أكون من المسلمين لأمر اللّه بطاعته ثقة بأنها خير ما يكسبه العباد.
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيناهُ وَ مَن مَعَهُ فِي الفُلكِ وَ جَعَلناهُم خَلائِفَ وَ أَغرَقنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُنذَرِينَ (73)