‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ يونس‌ (10): الآيات‌ 69 ‌الي‌ 70]

قُل‌ إِن‌َّ الَّذِين‌َ يَفتَرُون‌َ عَلَي‌ اللّه‌ِ الكَذِب‌َ لا يُفلِحُون‌َ (69) مَتاع‌ٌ فِي‌ الدُّنيا ثُم‌َّ إِلَينا مَرجِعُهُم‌ ثُم‌َّ نُذِيقُهُم‌ُ العَذاب‌َ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكفُرُون‌َ (70)

آيتان‌ عند الجميع‌.

‌قوله‌ «‌لا‌ يفلحون‌» وقف‌ تام‌. أمر اللّه‌ ‌تعالي‌ نبيه‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌ ‌ان‌ يقول‌ للمكلفين‌ «‌إن‌ ‌الّذين‌» يكذبون‌ ‌علي‌ اللّه‌ باتخاذ الولد و ‌غير‌ ‌ذلک‌ «لا يُفلِحُون‌َ» اي‌ ‌لا‌ يفوزون‌ بشي‌ء ‌من‌ الثواب‌. و كسرت‌ (إن‌ّ) ‌بعد‌ القول‌، لأنه‌ حكاية ‌لما‌ يستأنف‌ الاخبار ‌به‌ و لذلك‌ دخلت‌ لام‌ الابتداء ‌في‌ الخبر، لأنها تؤذن‌ بأنه‌ موضع‌ ابتداء. و الكذب‌ يتعاظم‌ الإثم‌ ‌عليه‌ بحسب‌ تعاظم‌ الضرر ‌به‌ و كثرة الزواجر عنه‌، فالكذب‌ ‌علي‌ اللّه‌ أعظم‌ لكثرة الزواجر عنه‌ ‌لما‌ ‌فيه‌ ‌من‌ تضييع‌ حق‌ المنعم‌ بأجل‌ النعم‌. و ‌قوله‌ «مَتاع‌ٌ فِي‌ الدُّنيا» رفع‌ بأنه‌ خبر الابتداء. و تقديره‌ ذاك‌ متاع‌ ‌أو‌ ‌هو‌ متاع‌.

و يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ ‌علي‌ تقدير ‌لهم‌ متاع‌. و إنما خص‌ بالدنيا لئلا يغتر ‌به‌. و المتاع‌ ‌ما يقع‌ ‌به‌ الانتفاع‌ ‌من‌ أثاث‌ ‌أو‌ غيره‌. و الانتفاع‌ حصول‌ الالتذاذ. و انما جاز ‌أن‌ يمتعوا ‌في‌ الدنيا دون‌ الاخرة، لأن‌ الدنيا دار عمل‌ و الآخرة دار جزاء، و لذلك‌ ‌کان‌ التكليف‌ ‌في‌ الدنيا دون‌ الآخرة. و ‌قوله‌ «ثُم‌َّ إِلَينا مَرجِعُهُم‌» فالمرجع‌ المصير ‌الي‌ الشي‌ء ‌بعد‌ الذهاب‌ عنه‌، فهؤلاء ابتدأهم‌ اللّه‌ ‌ثم‌ يصيرون‌ ‌الي‌ الهلاك‌ بالموت‌. ‌ثم‌ يرجعون‌ بالانشاء ثانية. و ‌قوله‌ «ثُم‌َّ نُذِيقُهُم‌ُ العَذاب‌َ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكفُرُون‌َ» معناه‌ انا ‌لا‌ نقتصر ‌علي‌ بعثهم‌ ‌بعد‌ موتهم‌ بل‌ نوصل‌ اليهم‌ العذاب‌ الشديد و ننزله‌ بهم‌ جزاء ‌بما‌ كانوا يكفرون‌ ‌في‌ دار الدنيا.