و البشارة واحد. و قوله «فِي الحَياةِ الدُّنيا» قيل فيه ثلاثة اقوال:
أحدها- قال قتادة و الزهري و الضحاك و الجبائي: هو بشارة الملائكة عليهم السلام انها الرؤيا الصادقة الصالحة يراها الرجل او يري له. و
قال ابو جعفر عليه السلام البشري في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او يري له و في الآخرة الجنة.
و الثالث- بشري القرآن بشرف الايمان- ذكره الفراء و الزجاج و غيرهما. و قوله «لا تَبدِيلَ لِكَلِماتِ اللّهِ» معناه لا خلف لما وعد اللّه تعالي به من الثواب بوضع كلمة اخري مكانها بدلا منها، لأنها حق و الحق لا خلف له بوجه. و قوله «ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ» اشارة الي هذه البشري المتقدمة بأنه الفوز ألذي يصغر کل شيء في جنبه.
وَ لا يَحزُنكَ قَولُهُم إِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (65)
ظاهر قوله «وَ لا يَحزُنكَ قَولُهُم» ظاهره النهي و المراد به التسلية للنبي صلي الله عليه و آله عن قولهم ألذي يؤذونه به. و النهي في اللفظ القول. و انما هو عن السبيل المؤدي الي التأذي بالقول. و مثله لا أراك هاهنا و المعني لا تكن هاهنا فمن کان هاهنا رأيته، فكذلك المراد بالآية لا تعبأ بالأذي فيمن عني به أذاه. و قوله «إِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً» كسرت (إن) بالاستئناف بالتذكير لما ينفي الحزن لا انها مفعول القول لأنها ليست حكاية عنهم، لأنهم لم يقولوا ان العزة للّه. و لا يجوز نصبها علي ان تكون معمول القول لأنهم لو قالوه لما احزن ذلک النبي صلي الله عليه و آله و لو فتحت (ان) علي معني (لان) جاز. و العزة القدرة علي کل جبار بالقهر بأن لا يرام و لا يضام عز يعز عزاً فهو عزيز و المعني انه ألذي يعزك و ينصرك حتي تصير أعز ممن ناواك و قوله «هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ» معناه انه يسمع قولهم و يعلم ضميرهم فيجازيهم بما تقتضيه حالهم و يدفع عنك شرهم.