كذبوا انهم شهدوا بان الدعاة الي اللّه و الدعاة الي الحق من المؤمنين كاذبون جهلا منهم و توهماً لا حقيقة لهم و لا حجة معهم به و قوله «وَ لَمّا يَأتِهِم تَأوِيلُهُ» معناه ما يؤول أمره اليه و هو عاقبته، و معناه متأوله من الثواب و العقاب. ثم حكي اللّه أنه مثل ذلک كذب الّذين من قبلهم أنبياء اللّه و رسله فأهلكهم اللّه و دمرهم ثم قال لنبيه «فَانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ» يعني ما أدي الي إهلاكهم بعذاب الاستئصال علي ما تقدم من ظلمهم لأنفسهم و غيرهم في كذبهم. و قيل في موضع «كيف کان» نصب بأنه خبر کان، و لا يکون معمول (انظر) لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل في الاستفهام
وَ مِنهُم مَن يُؤمِنُ بِهِ وَ مِنهُم مَن لا يُؤمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعلَمُ بِالمُفسِدِينَ (40)
أخبر اللّه تعالي ان من جملة هؤلاء الكفار الّذين كذبوا بالقرآن و نسبوه الي الافتراء من سيؤمن به أي بالقرآن في المستقبل، و منهم من لا يؤمن بل يموت علي كفره. و قوله «وَ رَبُّكَ أَعلَمُ بِالمُفسِدِينَ» معناه من يدوم علي الفساد ممن يتوب، و إنما بقاهم اللّه لما في معلومه انه يتوب منهم. و إنما جاز ان يقول «أعلم» و ان لم يكن هناك كثرة علوم لاحد أمرين: أحدهما- ان الذات تغني عن کل علم. و الثاني- انه يراد كثرة المعلوم
وَ إِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِي عَمَلِي وَ لَكُم عَمَلُكُم أَنتُم بَرِيئُونَ مِمّا أَعمَلُ وَ أَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعمَلُونَ (41)
خاطب اللّه تعالي نبيه صلي الله عليه و آله فقال «وَ إِن كَذَّبُوكَ» هؤلاء الكفار و لم يصدقوك