فانتظر، يستعمل ذلک في الوعيد. و قوله «أَنتُم وَ شُرَكاؤُكُم» يعني انتظروا أنتم مع شركائكم الّذين عبدتموهم من دون اللّه. و قوله «فَزَيَّلنا بَينَهُم» مأخوذ من قولهم زلت الشيء عن مكانه أزيله- و زيلنا للكثرة من هذا- إذا نحيته عن مكانه و زايلت فلاناً إذا فارقته. و قال القتيبي: و هو مأخوذ من زال يزول، و هو غلط و خلاف لقول جميع المفسرين و أهل اللغة. و التزييل التفريق. و المعني فرقنا بين المشركين باللّه و ما أشركوا به.
و قوله «وَ قالَ شُرَكاؤُهُم ما كُنتُم إِيّانا تَعبُدُونَ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال مجاهد: انه ينطق الأوثان يوم القيامة فيقولوا: ما كنا نشعر بأنكم إيانا تعبدون. و الثاني- ان ذلک قول من كانوا يعبدونهم من الشياطين.
و في كيفية جحدهم لذلك قولان: أحدهما- انهم يقولون ذلک علي وجه الاهانة بالرد عليهم. و المعني ما اعتذرنا بذلك لكم. و الآخر- انه في حال دهش ككذب الصبي. و قال الجبائي: يريد انكم لم تعبدونا بأمرنا و دعائنا و لم يرد انهم لم يعبدوها أصلا، لأن ذلک كذب و هو لا يقع في الآخرة لكونهم ملجئين الي ترك القبيح. و هذه الاية نظيرة قوله «إِذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا»[1] و کان مجاهد يقول: الحشر هاهنا هو الموت. و الأول اولي.
فَكَفي بِاللّهِ شَهِيداً بَينَنا وَ بَينَكُم إِن كُنّا عَن عِبادَتِكُم لَغافِلِينَ (29)
هذا اخبار من اللّه تعالي عن شركاء المشركين من الآلهة و الأوثان يوم القيامة حين قال المشركون إنا إنما إياكم كنا نعبد، و أنهم يجحدون ذلک و يقولون: