‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ يونس‌ (10): آية 8]

أُولئِك‌َ مَأواهُم‌ُ النّارُ بِما كانُوا يَكسِبُون‌َ (8)

«أولئك‌» اشارة ‌الي‌ ‌الّذين‌ تقدم‌ ذكرهم‌ ‌في‌ الاية الأولي‌، و الكاف‌ ‌في‌ «أولئك‌» حرف‌ الخطاب‌، مثل‌ الكاف‌ ‌في‌ قولهم‌ أنا ذاك‌، و لهذا ‌لم‌ يجز تأكيده‌ و ‌لا‌ البدل‌ ‌منه‌، و ‌لو‌ ‌کان‌ اسماً لجاز: أولئك‌ نفسك‌، و أولاء مبني‌ ‌علي‌ الكسر، و إنما بني‌ لتضمنه‌ معني‌ الاشارة ‌الي‌ المعرفة لأن‌ أصله‌ ‌أن‌ يتعرف‌ بعلامة، إذ ‌لم‌ يوضع‌ للشي‌ء بعينه‌، ‌کما‌ وضع‌ زيد و عمرو، و بني‌ ‌علي‌ الحركة لالتقاء الساكنين‌، و بني‌ ‌علي‌ الكسر لأنها ‌في‌ الأصل‌ ‌في‌ حركة التقاء الساكنين‌ ‌إذا‌ كثر ‌ذلک‌ ‌في‌ الفعل‌ ‌لما‌ يدركه‌ ‌من‌ الجزم‌ فاستحق‌ الكسر لأنه‌ ‌لما‌ يدخله‌ ‌في‌ حال‌ الاعراب‌ و (هؤلاء) ‌لما‌ قرب‌ و (أولئك‌) ‌لما‌ ‌بعد‌، ‌کما‌ تقول‌ ‌في‌ (‌هذا‌) و (ذاك‌) لأن‌ ‌ما ‌بعد‌ يقتضي‌ التعريف‌ بالخطاب‌ و ‌ما قرب‌ يكفي‌ ‌فيه‌ التنبيه‌. اخبر اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌أن‌ ‌الّذين‌ تقدم‌ وصفهم‌ ‌في‌ الاية الاولي‌ مستقرهم‌ النار جزاء ‌بما‌ كانوا يكسبون‌ ‌من‌ المعاصي‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ يونس‌ (10): آية 9]

إِن‌َّ الَّذِين‌َ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحات‌ِ يَهدِيهِم‌ رَبُّهُم‌ بِإِيمانِهِم‌ تَجرِي‌ مِن‌ تَحتِهِم‌ُ الأَنهارُ فِي‌ جَنّات‌ِ النَّعِيم‌ِ (9)

‌لما‌ ذكر اللّه‌ ‌تعالي‌ الكفار و ‌ما يستحقونه‌ ‌من‌ المصير ‌الي‌ النار ‌في‌ الآيات‌ الأول‌ ذكر ‌في‌ ‌هذه‌ «إِن‌َّ الَّذِين‌َ آمَنُوا» يعني‌ صدقوا باللّه‌ و رسوله‌، و اعترفوا بهما و أضافوا ‌الي‌ ‌ذلک‌ الاعمال‌ الصالحات‌ «يهديهم‌» اللّه‌ ‌تعالي‌ جزاء بايمانهم‌ ‌الي‌ الجنة «تَجرِي‌ مِن‌ تَحتِهِم‌ُ الأَنهارُ فِي‌ جَنّات‌ِ النَّعِيم‌ِ» يعني‌ البساتين‌ ‌الّتي‌ تجري‌ تحت‌ أشجارها الأنهار ‌الّتي‌ ‌فيها‌ النعيم‌ يعني‌ أنواع‌ اللذات‌ و المنافع‌ يتنعمون‌ ‌فيها‌. و معني‌ «تَجرِي‌ مِن‌ تَحتِهِم‌ُ