النافرة، و به قال الضحاك و إبن عباس، و قال ابو علي الجبائي: تنفر الطائفة من کل ناحية الي النبي صلي الله عليه و آله لتسمع كلامه و تنفقه عنه، ثم يبينوا ذلک لقومهم إذا رجعوا اليهم. و قال مجاهد: نزلت الآية في قوم خرجوا الي البادية ليفقهوهم و لينالوا منهم خيراً، فلما عاتب اللّه من تأخر عن النبي عند خروجه الي تبوك و ذم آخرين خافوا ان يكونوا منهم فنفروا بأجمعهم، فقال اللّه: هلا نفر بعضهم ليفقه عن النبي صلي الله عليه و آله ما يجب عليهم و ما لا يجب و يرجعون فيخبرون أصحابهم بذلك ليحذروا.
و النفور عن الشيء هو الذهاب عنه لتكره النفس له، و النفور اليه الذهاب اليه لتكره النفس لغيره. و التفقه تعلم الفقه. و الفقه فهم موجبات المعني المضمنة بها من غير تصريح بالدلالة عليها، و صار بالعرف مختصاً بمعرفة الحلال و الحرام، و ما طريقه الشرع. و قوله «لَعَلَّهُم يَحذَرُونَ» معناه لكي يحذروا، لأن الشك لا يجوز علي اللّه. و الحذر تجنب الشيء لما فيه من المضرة يقال: حذر حذراً و حذّرته تحذيراً و حاذره محاذرة و تحذر تحذراً.
و استدل جماعة بهذه الآية علي وجوب العمل بخبر الواحد بأن قالوا:
حث اللّه تعالي الطائفة علي النفور و التفقه حتي إذا رجعوا الي غيرهم لينذروهم ليحذروا، فلو لا انه يجب عليهم القبول منهم لما وجب عليهم الانذار و التخويف.
و الطائفة تقع علي جماعة لا يقع بخبرهم العلم بل تقع علي واحد. لأن المفسرين قالوا في قوله «وَ ليَشهَد عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ» أنه يكفي أن يحضر واحد.
و هذا ألذي ذكروه ليس بصحيح، لأن ألذي يقتضيه ظاهر الاية وجوب النفور علي الطائفة من کل فرقة، و وجوب التفقه و الانذار إذا رجعوا، و يحتمل ان يکون المراد بالطائفة الجماعة الّتي يوجب خبرهم العلم، و لو سلمنا انه يتناول الواحد او جماعة قليلة، فلم إذا وجب عليهم الانذار وجب علي من يسمع القبول! و اللّه تعالي إنما أوجب علي المنذرين الحذر، و الحذر ليس من القبول في شيء بل الحذر يقتضي وجوب البحث عن ذلک حتي يعرف صحته من فساده بالرجوع الي الأدلة، ألا تري