لما ذكر اللّه تعالي ان من جملة الأعراب من يتخذ إنفاقه في سبيل اللّه مغرماً ذكران من جملتهم ايضاً «مَن يُؤمِنُ بِاللّهِ» اي يصدق به و باليوم الآخر يعني يوم القيامة، و انه يتخذ ما ينفقه في سبيل اللّه قربات عند اللّه. قال الزجاج: يجوز في (قربات) ثلاثة أوجه- ضم الراء و إسكانها و فتحها- و ما قرئ إلا بالضم، و القربة هي طلب الثواب و الكرامة من اللّه تعالي بحسن الطاعة، و هي تدني من رحمة اللّه و التقدير انه يتخذ نفقته و صلوات الرسول اي دعاءه له قربة الي اللّه. و قال إبن عباس و الحسن: معني و صلوات الرسول استغفاره لهم، و قال قتادة: معناه دعاؤه بالخير و البركة قال الأعشي:
تقول بنتي و قد قرّبت مرتحلا يا ربّ جنّب أبي الأوصاب و الوجعا
عليك مثل ألذي صليت فاغتمضي نوماً فان لجنب المرء مضطجعاً[1]
ثم قال «أَلا إِنَّها» يعني صلوات الرسول «قُربَةٌ لَهُم» اي تقربهم الي ثواب اللّه. و يحتمل ان يکون المراد ان نفقتهم قربة الي اللّه. و قوله «سَيُدخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحمَتِهِ» و عد منه لهم بان يرحمهم و يدخلهم فيها، و فيه مبالغة، فان الرحمة و سعتهم و غمرتهم، و لو قال فيهم رحمة اللّه لأفاداتهم اتسعوا للرحمة من اللّه تعالي و قوله «إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» معناه إنه يستر كثيراً علي العصاة ذنوبهم و لا يفضحهم بها لرحمته بخلقه و «غَفُورٌ رَحِيمٌ» جميعا من ألفاظ المبالغة فيما وصف به نفسه من المغفرة و الرحمة.
وَ السّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنهُم وَ رَضُوا عَنهُ وَ أَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجرِي تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ (100)