الكاف‌ ‌في‌ ‌قوله‌ «كالذين‌» ‌في‌ موضع‌ نصب‌، و التقدير احذروا ‌أن‌ يحل‌ بكم‌ ‌من‌ العذاب‌ و العقوبة كالذين‌. و يحتمل‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ المراد وعدكم‌ اللّه‌ ‌علي‌ الكفر ‌کما‌ وعد ‌الّذين‌ ‌من‌ قبلكم‌، فشبه‌ المنافقين‌ ‌في‌ عدولهم‌ ‌عن‌ أمر اللّه‌ للاستمتاع‌ بلذات‌ الدنيا بمن‌ قبلكم‌ ‌مع‌ ‌أن‌ عاقبة امر الفريقين‌ يؤل‌ ‌الي‌ العقاب‌ ‌مع‌ ‌أن‌ الأولين‌ كانوا أشد ‌من‌ هؤلاء قوة ‌في‌ أبدانهم‌ و أطول‌ اعماراً و اكثر أموالا و أشد تمكيناً فلم‌ يقدروا ‌ان‌ يدفعوا ‌عن‌ نفوسهم‌ ‌ما حل‌ بهم‌ ‌من‌ عقاب‌ اللّه‌.

و ‌قوله‌ «فَاستَمتَعُوا بِخَلاقِهِم‌» فالاستمتاع‌ ‌هو‌ طلب‌ المتعة و ‌هي‌ فعل‌ ‌ما ‌فيه‌ اللذة ‌من‌ المآكل‌ و المشارب‌ و المناكح‌. و معناه‌ انهم‌ تمتعوا بنصيبهم‌ ‌من‌ الخير العاجل‌ و باعوا بذلك‌ الخير الآجل‌ فهلكوا بشر استبدال‌، ‌کما‌ تمتعتم‌ ايها المنافقون‌ بخلاقكم‌ اي‌ بنصيبكم‌ و الخلاق‌ النصيب‌ سواء ‌کان‌ عاجلا ‌او‌ آجلا.

و ‌قوله‌ «وَ خُضتُم‌ كَالَّذِي‌ خاضُوا» خطاب‌ للمنافقين‌ بأن‌ ‌قيل‌ ‌لهم‌ خضتم‌ ‌في‌ الباطل‌ و الكذب‌ ‌علي‌ اللّه‌ كالذين‌ تابعوهم‌ ‌علي‌ ‌ذلک‌ ‌من‌ المنافقين‌ و غيرهم‌ ‌من‌ الكفار «حَبِطَت‌ أَعمالُهُم‌» لأنهم‌ كانوا أوقعوها ‌علي‌ خلاف‌ ‌ما أمرهم‌ اللّه‌ ‌به‌ فلم‌ يستحقوا عليها ثواباً بل‌ استحقوا عليها العقاب‌، فلذلك‌ كانوا خاسرين‌ أنفسهم‌ و مهلكين‌ لها بفعل‌ المعاصي‌ المؤدي‌ ‌الي‌ الهلاك‌ و روي‌ ‌عن‌ ‌إبن‌ عباس‌ انه‌ ‌قال‌ ‌في‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌:

‌ما أشبه‌ الليلة بالبارحة كذلك‌ ‌من‌ قبلكم‌ هؤلاء بنو إسرائيل‌ لشبهنا بهم‌ ‌لا‌ أعلم‌ ‌إلا‌

انه‌ ‌قال‌ (و ‌ألذي‌ نفسي‌ بيده‌ لتتبعنهم‌ ‌حتي‌ ‌لو‌ دخل‌ الرجل‌ منهم‌ حجر ضب‌ لدخلتموه‌) و مثله‌ روي‌ ‌عن‌ أبي هريرة ‌عن‌ النبي‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌ و ‌عن‌ أبي سعيد الخدري‌ مثله‌ .

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التوبة (9): آية 70]

أَ لَم‌ يَأتِهِم‌ نَبَأُ الَّذِين‌َ مِن‌ قَبلِهِم‌ قَوم‌ِ نُوح‌ٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوم‌ِ إِبراهِيم‌َ وَ أَصحاب‌ِ مَديَن‌َ وَ المُؤتَفِكات‌ِ أَتَتهُم‌ رُسُلُهُم‌ بِالبَيِّنات‌ِ فَما كان‌َ اللّه‌ُ لِيَظلِمَهُم‌ وَ لكِن‌ كانُوا أَنفُسَهُم‌ يَظلِمُون‌َ (70)