نفوسهم ذلک.
و قوله «خُذُوا ما آتَيناكُم بِقُوَّةٍ» أي قلنا لهم: خذوا ما آتيناكم بجد يعني ما ألزمناكم من احكام كتابنا و فرائضه فاقبلوه باجتهاد منكم في أوانه من غير تقصير و لا توان. و قال الجبائي: معناه خذوه بالقدرة الّتي آتاكم اللّه و أقدركم بها لأنهم لو لم يكونوا قادرين لما كلفهم اللّه ذلک، و ذلک يفسد مذهب من قال القدرة مع الفعل.
و قوله «وَ اذكُرُوا ما فِيهِ» معناه ما في كتابه من العهود و المواثيق الّتي أخذناها عليكم، بالعمل بما فيه لكي تتقوا ربكم فتخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتم ما أخذ عليكم فيه من مواثيق.
و کان سبب رفع الجبل عليهم ان موسي عليه السلام لما أتاهم بالتوراة و وقفوا علي ما فيها من الأحكام و الحدود و التشديد في العبادة أبوا أن يقبلوا ذلک و ان يتمسكوا به و ان يعملوا بما فيه. و قالوا: إن ذلک يغلظ علينا، فرفع اللّه الجبل كالظلة عليهم، و عرفهم موسي انهم إن لم يقبلوا التوراة و لم يعملوا بما فيها وقع عليهم فأخذوا بالتوراة و قبلوا ما فيها و صرف اللّه نزول الجبل عليهم. قال إبن عباس فلذلك صارت اليهود تسجد علي قرنها الأيسر، لأنهم سجدوا كذلك ينظرون الي الجبل و كأنها سجدة نصبها اللّه. و إنما اتخذت النصاري المشرق قبلة، لأن مريم عليها السلام اتخذت مكاناً شرقياً حين حملت بعيسي. و قال مجاهد: معناه إن أخذتموه بجد و حسن نية و إلا القي الجبل عليكم. و قال ابو مسلم إن رفع الجبل کان ليظلهم من الغمام، و ذلک خلاف اقوال المفسرين و ما يقتضيه سياق الكلام.
وَ إِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَ أَشهَدَهُم عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبِّكُم قالُوا بَلي شَهِدنا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَ (172) أَو تَقُولُوا إِنَّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَ كُنّا ذُرِّيَّةً مِن بَعدِهِم أَ فَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلُونَ (173)