في هذا الاذن. قال: لأنه لا يجوز أن يقال لم فعلت ما جعلت لك فعله! کما لا يجوز أن يقول لم فعلت ما أمرتك بفعله. و هذا ألذي ذكره غير صحيح، لأن قوله «عَفَا اللّهُ عَنكَ» إنما هي كلمة عتاب له صلي الله عليه و آله لم فعل ما کان الأولي به أن لا يفعله، لأنه و ان کان له فعله من حيث لم يكن محظوراً فان الأولي ان لا يفعله، کما يقول القائل لغيره إذا رآه يعاتب أخاً له: لم عاتبته و كلمته بما يشق عليه! و ان کان له معاتبته و كلامه بما يثقل عليه. و كيف يکون ذلک معصية و قد قال اللّه في موضع آخر:
«فَإِذَا استَأذَنُوكَ لِبَعضِ شَأنِهِم فَأذَن لِمَن شِئتَ مِنهُم» و إنما أراد اللّه أنه کان ينبغي أن ينتظر تأكيد الوحي فيه. و من قال هذا ناسخ لذلك فعليه الدلالة.
و قوله «لِمَ أَذِنتَ» فالاذن رفع التبعة، عاتب اللّه تعالي نبيه صلي الله عليه و آله لم أذن لقوم من المتأخرين عن الخروج معه الي تبوك و إن کان له إذنهم لكن کان الاولي ان لا يأذن «حَتّي يَتَبَيَّنَ لَكَ» حتي يظهر لك «الَّذِينَ صَدَقُوا» في قولهم لو استطعنا لخرجنا معكم، لأنه کان فيهم من اعتل بالمرض و العجز و عدم الحمولة «وَ تَعلَمَ الكاذِبِينَ» منهم في هذا القول.
لا يَستَأذِنُكَ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ أَن يُجاهِدُوا بِأَموالِهِم وَ أَنفُسِهِم وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ (44)
أخبر اللّه تعالي نبيه بعلامة المنافقين و الكاذبين بأن بين أنه لا يستأذن احد النبي صلي الله عليه و آله في التأخر عنه و الخروج معه الي جهاد أعدائه و لا يسأله الاذن في التأخر القوم الّذين يؤمنون باللّه و يصدقون به و يقرون بوحدانيته و يعترفون باليوم الاخر. و الاستئذان طلب الاذن من الآذن. و معني قوله «أَن يُجاهِدُوا» فيه حذف و تقديره لأن لا يجاهدوا بحذف (لا) لان ذمهم قد دل عليه- هذا قول أبي علي