الجنس‌ ‌او‌ ‌في‌ القبح‌ ‌علي‌ الخلاف‌ ‌فيه‌، فشرط الندم‌ بالعزم‌، لأن‌ الندم‌ إنما ‌هو‌ ‌علي‌ الماضي‌ و العزم‌ ‌علي‌ ‌ما يستقبل‌، فلو ‌لم‌ يجتمعا ‌لم‌ تكن‌ توبة. و معني‌ «ثُم‌َّ يَتُوب‌ُ اللّه‌ُ مِن‌ بَعدِ ذلِك‌َ عَلي‌ مَن‌ يَشاءُ» انه‌ يقبل‌ التوبة ‌من‌ ‌بعد‌ هزيمة ‌من‌ انهزم‌. و يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ المراد ‌بعد‌ كفر ‌من‌ كفر يقبل‌ توبة ‌من‌ يتوب‌ و يرجع‌ ‌الي‌ طاعة اللّه‌ و الإسلام‌ و يندم‌ ‌علي‌ ‌ما فعل‌ ‌من‌ القبيح‌ «‌علي‌ ‌من‌ يشاء» و إنما علقه‌ بالمشيئة، لأن‌ قبول‌ التوبة و إسقاط العقاب‌ عندها تفضل‌-‌ عندنا‌-‌ و ‌لو‌ ‌کان‌ ‌ذلک‌ واجباً ‌لما‌ جاز تعلق‌ ‌ذلک‌ بالمشيئة ‌کما‌ ‌لم‌ يعلق‌ الثواب‌ ‌علي‌ الطاعة و العوض‌ ‌علي‌ الألم‌ ‌في‌ موضع‌ بالمشيئة. و ‌من‌ خالف‌ ‌في‌ ‌ذلک‌ ‌قال‌: إنما علقها بالمشيئة، لأن‌ منهم‌ ‌من‌ ‌له‌ لطف‌ يؤمن‌ عنده‌ فاللّه‌ ‌تعالي‌ يشاء ‌أن‌ يلطف‌ ‌له‌ ‌مع‌ صرف‌ العمل‌ ‌في‌ ترك‌ التوبة ‌الي‌ اللّه‌.

و ‌قوله‌ «وَ اللّه‌ُ غَفُورٌ رَحِيم‌ٌ» معناه‌ انه‌ ستار للذنوب‌ ‌لا‌ يفضح‌ احداً ‌علي‌ معاصيه‌ بل‌ يسترها ‌عليه‌ ‌إذا‌ تاب‌ منها، و ‌هو‌ رحيم‌ بعباده‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التوبة (9): آية 28]

يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا إِنَّمَا المُشرِكُون‌َ نَجَس‌ٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرام‌َ بَعدَ عامِهِم‌ هذا وَ إِن‌ خِفتُم‌ عَيلَةً فَسَوف‌َ يُغنِيكُم‌ُ اللّه‌ُ مِن‌ فَضلِه‌ِ إِن‌ شاءَ إِن‌َّ اللّه‌َ عَلِيم‌ٌ حَكِيم‌ٌ (28)

‌هذا‌ خطاب‌ ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ للمؤمنين‌ يخبرهم‌ ‌فيه‌ ‌أن‌ المشركين‌ أنجاس‌ و يأمرهم‌ ‌ان‌ يمنعوا المشركين‌ ‌من‌ ‌أن‌ يقربوا المسجد الحرام‌ ‌بعد‌ عامهم‌ ‌هذا‌ ‌ أي ‌ ‌ألذي‌ أشار اليه‌، و ‌هي‌ سنة تسع‌ ‌من‌ الهجرة ‌الّتي‌ نبذ ‌فيها‌ براءة المشركين‌. و كانت‌ بعده‌ حجة الوداع‌-‌ و ‌هو‌ قول‌ قتادة و غيره‌ ‌من‌ المفسرين‌-‌ و المراد بالمسجد الحرام‌ الحرم‌ كله‌-‌ ‌في‌ قول‌ عطاء و غيره‌-‌ و ‌کل‌ شي‌ء مستقذر ‌في‌ اللغة يسمي‌ نجساً، فإذا استعمل‌ مفرد ‌قيل‌: نجس‌-‌ بفتح‌ النون‌ و الجيم‌ معاً‌-‌ و يقع‌ ‌علي‌ الذكر و الأنثي‌ سواء. و ظاهر