و قوله «وَ يَتُوبُ اللّهُ عَلي مَن يَشاءُ» معناه يقبل اللّه توبة من يشاء من عباده.
و وجه اتصال قوله «وَ يَتُوبُ اللّهُ عَلي مَن يَشاءُ» بما قبله من وجهين:
أحدهما- بشارتهم بأن فيهم من يتوب و يرجع عن الكفر الي الايمان.
و الآخر- انه ليس في قتالهم اقتطاع لأحد منهم عن التوبة.
و رفع «و يتوب» بخروجه عن موجب القتال فاستأنفه.
و قوله «وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» معناه عليم بتوبتهم إذا تابوا حكيم في أمركم بقتالهم إذا نكثوا قبل أن يتوبوا و يرجعوا، لأن أفعاله كلها صواب و حكمة.
أَم حَسِبتُم أَن تُترَكُوا وَ لَمّا يَعلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكُم وَ لَم يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لا المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ (16)
قوله «ام حسبتم» من الاستفهام ألذي يتوسط الكلام فيجعل ب (أم) ليفرق بينه و بين الاستفهام المبتدأ ألذي لم يتصل بكلام و لو کان المراد الابتداء لكان اما بالألف أو ب (هل) كقوله «هَل أَتي عَلَي الإِنسانِ»[1] و المعني ظننتم أن تتركوا. و الظن و الحسبان نظائر، و الحسبان قوة المعني في النفس من غير قطع، و هو مشتق من الحساب لدخوله فيما يحتسب به «أَن تُترَكُوا» معني الترك هو ضد ينافي الفعل المبتدأ في محل القدرة عليه. و يستعمل بمعني (ألا يفعل) كقوله «وَ تَرَكَهُم فِي ظُلُماتٍ لا يُبصِرُونَ»[2] و قوله «وَ لَمّا يَعلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكُم» إذا قيل: لما يفعل، فهو نفي للفعل مع تقريب لوقوعه. و إذا قيل: لم يفعل، فهو نفي بعد اطماع في