فمن‌ ‌قال‌ ‌ذلک‌ ‌قال‌ توبة المجبوب‌ ‌من‌ الزنا ‌هي‌ الندم‌ ‌علي‌ الزنا ‌مع‌ العزم‌ ‌علي‌ ترك‌ المعاودة ‌الي‌ مثله‌ ‌علي‌ ‌ما يصح‌ و يجوز ‌من‌ الإمكان‌، و ‌هو‌ انه‌ ‌لو‌ رد اللّه‌ عز و جل‌ عضوه‌ ‌ما زني‌، فاما ‌من‌ نسي‌ الذنب‌ فان‌ توبته‌ صحيحة ‌لا‌ يؤاخذ بالذنب‌، لأنه‌ مكلف‌ ‌قد‌ ادي‌ جميع‌ ‌ما ‌عليه‌ ‌في‌ الحال‌، فقد تخلص‌ بذلك‌ ‌من‌ العقاب‌. فان‌ ‌قيل‌ ‌لم‌ شرط ‌مع‌ التوبة ‌من‌ الشرك‌ و حصول‌ الايمان‌ إيتاء الزكاة! ‌مع‌ انه‌ ليس‌ ‌کل‌ مسلم‌ ‌عليه‌ الزكاة؟ قلنا: انما يجب‌ ‌عليه‌ بشرط الإمكان‌ فإذا أقر بحكم‌ الزكاة ‌مع‌ التعذر ‌عليه‌ دخل‌ ‌في‌ حكم‌ الصفة ‌الّتي‌ يجب‌ بها.

و ‌قوله‌ «وَ نُفَصِّل‌ُ الآيات‌ِ» معناه‌ نبينها و نميزها بخاصة لكل‌ واحد منها ‌بما‌ يتميز ‌به‌ ‌من‌ غيرها ‌حتي‌ يظهر مدلولها ‌علي‌ أتم‌ ‌ما ‌يکون‌ ‌من‌ الظهور ‌فيها‌ «لِقَوم‌ٍ يَعلَمُون‌َ» ‌ذلک‌ و يثبتونه‌ دون‌ الجهال‌ ‌الّذين‌ ‌لا‌ يعقلون‌ ‌عن‌ اللّه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التوبة (9): آية 12]

وَ إِن‌ نَكَثُوا أَيمانَهُم‌ مِن‌ بَعدِ عَهدِهِم‌ وَ طَعَنُوا فِي‌ دِينِكُم‌ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفرِ إِنَّهُم‌ لا أَيمان‌َ لَهُم‌ لَعَلَّهُم‌ يَنتَهُون‌َ (12)

قرأ أهل‌ الكوفة و ‌إبن‌ عامر «أئمة» بهمزتين‌، ‌إلا‌ هشاماً ‌عن‌ ‌إبن‌ عامر فانه‌ فصل‌ ‌بين‌ الهمزتين‌ بالف‌. الباقون‌ بهمزة واحدة و ياء بعدها. و فصل‌ بينهما بالف‌ ابو جعفر و المري‌ ‌عن‌ المسيبي‌ و السوسنجرذي‌ ‌عن‌ يزيد ‌بن‌ إسماعيل‌. و قرأ ‌إبن‌ عامر و الحسن‌ «لا أَيمان‌َ لَهُم‌» بكسر الألف‌ الباقون‌ بفتحها. و الكسر يحتمل‌ وجهين‌: أحدهما‌-‌ انهم‌ ارتدوا، و ‌لا‌ إسلام‌ ‌لهم‌، ذكره‌ الزجاج‌. ‌قال‌: و يجوز «‌لا‌ إيمان‌ ‌لهم‌» ‌علي‌ المصدر، و تقديره‌ ‌لا‌ تأمنوهم‌ ‌بعد‌ نكثهم‌ العهد. و الآخر‌-‌ لأنهم‌ كفروا «لا أَيمان‌َ لَهُم‌» و يحتمل‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ المراد أنهم‌ آمنوا إيماناً ‌لا‌ يفون‌ ‌به‌ ‌فلا‌ إيمان‌ ‌لهم‌. و ‌من‌ فتح‌ الهمزة فلقوله‌: «وَ إِن‌ نَكَثُوا أَيمانَهُم‌» و لقوله‌