نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 5 صفحه : 153
و هذا ايضاً خطاب للنبي صلي الله عليه و آله يأمره اللّه بأن يحرض المؤمنين علي قتال المشركين.
و التحريض و الحث نظائر، و هو الدعاء الأكيد بتحريك النفس علي أمر من الأمور. و ضده التفتير. و المعني حثهم علي القتال. و التحريض الحث علي الشيء ألذي يعلم معه انه حارض إن خالف و تأخر. و الحارض هو ألذي قارب الهلاك. و منه قوله:
«حَتّي تَكُونَ حَرَضاً» اي حتي تذوب غما علي ذلک و تقارب الهلاك «أَو تَكُونَ مِنَ الهالِكِينَ»[1] و حارض فلان علي أمره إذا واظب عليه. و التحريض ترغيب في الفعل بما يبعث علي المبادرة اليه مع الصبر عليه. و القتال محاولة الصد و المنع بما فيه تعرض للقتل. و المجاهدة ان يقصد الي قتل المشركين بقتاله، و من يدفع عن نفسه فليس كذلك. و الصبر هو حبس النفس عما تنازع اليه من صد ما ينبغي أن يکون عليه و ضده الجزع، و قال الشاعر:
فان تصبرا فالصبر خير مغبة و ان تجزعا فالأمر ما تريان[2]
و الغلبة الظفر بالبغية في المحاربة قتلا او اسراً او هزيمة. و قد يقال في الظفر بالبغية في المنازعة بالغلبة. و معني «لا يفقهون» ها هنا انهم علي جهالة، خلاف من يقاتل علي بصيرة، و هو يرجو به ثواب الاخرة. و قال قوم: معناه لا يعلمون ما لهم من استحقاق الثواب بالقتال. و قوله «إِن يَكُن مِنكُم عِشرُونَ صابِرُونَ يَغلِبُوا مِائَتَينِ» و ان کان بلفظ الخبر، فالمراد به الأمر، و يدل علي ذلک قوله «الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُم» لأن التخفيف لا يکون الا بعد المشقة.