آيتان في الكوفي و المدني، و آية في البصري.
هذا خطاب للنبي صلي الله عليه و آله يقول له: «إِن يُرِيدُوا» يعني الكفار. و قيل هم بنو قريظة، و معناه ان قصدوا بالصلح خديعتك. و الخديعة اظهار المحبوب في الامر للاستجابة له مع ابطان خلافه: خدع خدعاً و خديعة و اختدعه اختداعا و تخادع له تخادعا. و انخدع انخداعاً. و قوله «فَإِنَّ حَسبَكَ اللّهُ» معناه، فان اللّه كافيك يقال: اعطاني ما احسبني اي كفاني. و أصله الحساب، و انما أعطاه بحساب ما يكفيه. و قوله «هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصرِهِ وَ بِالمُؤمِنِينَ» فالتأييد التمكين من الفعل علي أتم ما يصح فيه، تقول: أيده تأييداً و تأيد تأيداً. و الأيد القوة. و المعني ان اللّه قواه بالنصر من عنده، بالمؤمنين الّذين ينصرونه علي أعدائه. و قوله «وَ أَلَّفَ بَينَ قُلُوبِهِم» و التأليف الجمع علي تشاكل، فلما جمعت قلوبهم علي تشاكل فيما تحبه و تنازع اليه كانت قد الفت، و لذلك قيل: هذه الكلمة تأتلف مع هذه، و لا تأتلف. و
المراد بالمؤمنين الأنصار و بتأليف قلوبهم ما کان بين الأوس و الخزرج من العداوة و القتال، هذا قول أبي جعفر عليه السلام
و السدي و بشر بن ثابت الانصاري و إبن إسحاق. و قال مجاهد: هو في کل متحابين في اللّه. و انما کان الجمع علي المحبة تأليفاً بين القلوب، لأنه مأخوذ من الالفة و هي الاجتماع علي الموافقة في المحبة، و لا يجوز في الجمع علي البغضاء ان يسمي بذلك. و قوله «لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً» فالإنفاق إخراج الشيء عن الملك. و المعني «لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً» لتجمعهم علي الالفة مأتم لك ذاك، و لكن اللّه الف بينهم بلطف من الطافه و حسن تدبيره، و بالإسلام ألذي هداهم اللّه اليه. و نصب «جميعاً» علي الحال.
و قوله «إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» معناه قادر لا يمتنع عليه شيء يريد فعله «حَكِيمٌ عَلِيمٌ» لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة فعلي ذلک جمع قلوبهم علي الالفة.