و إنما نفي المبالغة في الظلم عنه تعالي دون نفي الظلم رأساً، لأنه جاء علي جواب من أضاف اليه فعل جميع الظلم، و لأن ما ينزل بالكفار لو لم يكن باستحقاق لكان ظلماً عظيما، و لكان فاعله ظلاماً.
كَدَأبِ آلِ فِرعَونَ وَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِم إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ العِقابِ (52)
العامل في قوله: «كَدَأبِ آلِ فِرعَونَ» الابتداء و تقديره دأبهم كدأب آل فرعون، فموضعه رفع، لأنه خبر المبتدأ، کما تقول زيد خلفك، فموضع خلفك رفع بأنه خبر المبتدأ، و لفظه نصب بالاستقرار، فكذلك الكاف في «كدأب». و الدأب العادة و الطريقة تقول ما ذلک دأبه و دينه و ديدنه.
و المعني انه جوزي هؤلاء بالقتل و الأسر کما جوزي آل فرعون بالغرق.
و قال الزجاج الدأب إدامة الفعل داب يدأب في كذا إذا دام عليه، و دأب يدأب داباً و دؤباً فهو دائب يفعل كذا اي يجري فيه علي عادة. و قال خداش بن زهير العامري:
و ما زال ذاك الدأب حتي تجادلت هو ازن و ارفضت سليم و عامر[1]
و آل فرعون المراد به اتباعه فيما دعاهم اليه من ربوبيته، سموا «آل» لأن مرجع أمرهم اليه بسبب اكيد. و الفرق بين «آل فلان» و «الأصحاب» ان الاصحاب مأخوذ من الصحبة لطلب علم او غيره، كالأصحاب في السفر، و كثر في الموافقة علي المذهب، کما يقولون اصحاب مالك و اصحاب الشافعي يراد به الموافقة في المذهب، و لا يوصفون بأنهم آل الشافعي او أبي حنيفة. و الآل يرجعون اليه بالسبب الأوكد الأقرب.