و الاول احسن، لأن المعني لم لا يعذبهم اللّه. فان قيل: كيف تجمعون بين الآيتين علي قول من لا ينسخ الاولي، فان في الاولي نفي ان يعذبهم اللّه و هم يستغفرون و في الثانية اثبت ذلک! قلنا عنه ثلاثة اجوبة:
أحدها- ان يکون أراد و ما لهم ان لا يعذبهم اللّه في الآخرة و الثاني- ان يکون يعني بالأولي عذاب الاستئصال کما فعل بالأمم الماضية و بالثانية أراد عذاب السيف و الأسر و غير ذلک و يکون قوله «وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُم وَ هُم يَستَغفِرُونَ» اي انه لا يعذبهم بعذاب الدنيا، و الآخرة إذا تابوا و استغفروا.
الثالث- أنه لا يعذبهم ما دام النبي فيهم و ما داموا يستغفرون و إن كانوا يستحقون العذاب بكفرهم و عنادهم.
و قوله: «وَ لكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ» دليل علي بطلان قول من قال المعارف ضرورة.
وَ ما كانَ صَلاتُهُم عِندَ البَيتِ إِلاّ مُكاءً وَ تَصدِيَةً فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنتُم تَكفُرُونَ (35)
روي الحسين الجعفي عن أبي بكر «صلاتهم» نصباً «إِلّا مُكاءً وَ تَصدِيَةً» رفع فيهما. و الصواب ما عليه القراء، لان «صلاتهم» معرفة و «مُكاءً وَ تَصدِيَةً» نكرة و لا يجوز ان يجعل اسم کان نكرة و خبره معرفة. و من قرأ كذلك فلان الصلاة لما كانت مؤنثة و لم يكن في کان علامة التأنيث أضاف الفعل إلي المذكر و هو «مكاء». و هذا ليس بصحيح، لأن «صلاتهم» لما کان مضافاً إلي المذكر جاز ان يذكر کما ان المذكر إذا أضيف إلي المؤنث جاز ان يؤنث، نحو قولهم: ذهبت بعض أصابعه.