و يحتمل ان يکون المراد ان امر اللّه بالموت يحول بين المرء و قلبه، کما قال «هَل يَنظُرُونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُمُ اللّهُ»[1] أي أمر اللّه.
و قال قوم: يجوز ان يکون معناه يحول بينه و بين قلبه بان يسلبه قلبه فيبقي حياً بلا قلب و هذا قريب من معني زوال العقل، قالوا: يجوز أن يکون المراد: انه عالم بما ينظرون اليه، و ما يضمره العبد في نفسه من معصيته فهو في المعني كأنه حائل بينه و بينه، لأن العبد لا يقدر علي إضمار شيء في قلبه إلا و اللّه عالم به، و هذا وجه حسن. و روي في التفسير أن اللّه يحول بين المؤمن و بين الكفر. و المعني في ذلک ان اللّه يحول بينه و بين الكفر بالوعد و الوعيد، و الامر و النهي، و الترغيب في الثواب و العقاب. فأما ما روي عن سعيد بن جبير و غيره من ان اللّه يحول بين الكافر و الايمان فقد بينا ان ذلک لا يجوز علي اللّه. و العقل مانع منه. و لو صح ذلک لكان الوجه فيه ان اللّه يحول بين الكافر و بين الايمان في المستقبل بان يميته، لأنه لا يجب تبقيته حتي يؤمن، بل لو أبقاه لكان حسناً، و ان لم يبقه کان ايضاً حسناً. و قوله تعالي «وَ أَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرُونَ» معناه انكم تحشرون يوم القيامه للجزاء علي أعمالكم إن خيراً فخير، و إن شراً فشر، فلذلك يجب المبادرة بالطاعة و الاقلاع عن المعصية بالتوبة و ترك الإصرار علي القبائح.
وَ اتَّقُوا فِتنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً وَ اعلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِ (25)
امر اللّه تعالي المكلفين من خلقه أن يتقوا فتنة لا تصيب الّذين ظلموا منهم خاصة.
و الفتنة البلية الّتي يظهر بها باطن امر الإنسان فيها. و الفتنة الهرج ألذي يركب فيه