و قوله «ما ذا أُجِبتُم» تقرير للرسل في صورة الاستفهام علي وجه التوبيخ للمنافقين عند اظهار فضيحتهم و هتك أستارهم علي رؤوس الاشهاد.
و قول الرسل «لا عِلمَ لَنا» قيل فيه ثلاثة أقوال:
أولها- قال الحسن و السدي و مجاهد أنهم قالوا ذلک لذهولهم من هول ذلک المقام. فان قيل كيف يجوز ذهولهم مع انهم آمنون لا يخافون!
کما قال «لا يَحزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكبَرُ»[1] و قال «لا خَوفٌ عَلَيهِم وَ لا هُم يَحزَنُونَ»[2] قيل ان الفزع الأكبر دخول جهنم. و قوله «وَ لا خَوفٌ عَلَيهِم» هو كقولك للمريض لا خوف عليك، و لا بأس عليك، مما يدل علي النجاة من تلك الحال، و خالف أبو علي في هذا و لم يجز الا ما نحكيه عنه.
الثاني- قال إبن عباس، و مجاهد- في رواية أخري- ان معناه لا علم لنا إلا ما علمتنا فحذف لدلالة الكلام عليه.
الثالث- قال الحسن في رواية أخري و ابو علي الجبائي: ان معناه لا علم لنا بباطن ما أجاب به أممنا لان ذلک هو ألذي يقع عليه الجزاء.
و قال بعضهم معناه لا علم لنا مع علمك أي ليس عندنا شيء مما نعلمه الا و انت عالم به و بكل ما غاب و حضر بدلالة قوله «إِنَّكَ أَنتَ عَلّامُ الغُيُوبِ» و قيل في معني قوله «إِنَّكَ أَنتَ عَلّامُ الغُيُوبِ» انه قال علام للبالغة ها هنا لا للتكثير المعلوم.
إِذ قالَ اللّهُ يا عِيسَي ابنَ مَريَمَ اذكُر نِعمَتِي عَلَيكَ وَ عَلي والِدَتِكَ إِذ أَيَّدتُكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النّاسَ فِي المَهدِ وَ كَهلاً وَ إِذ عَلَّمتُكَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ التَّوراةَ وَ الإِنجِيلَ وَ إِذ تَخلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذنِي فَتَنفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيراً بِإِذنِي وَ تُبرِئُ الأَكمَهَ وَ الأَبرَصَ بِإِذنِي وَ إِذ تُخرِجُ المَوتي بِإِذنِي وَ إِذ كَفَفتُ بَنِي إِسرائِيلَ عَنكَ إِذ جِئتَهُم بِالبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهُم إِن هذا إِلاّ سِحرٌ مُبِينٌ (110)