هذا اخبار من اللّه تعالي عن إلقاء موسي عصاه، و العصا عود كالقضيب يابس و أصله الامتناع بيبسه يقال: عصي يعصي إذا أمتنع قال الشاعر:
تصف السيوف و غيركم يعصي بها يا بن القيون و ذاك فعل الصيقل[1]
و قيل: عصي بالسيف إذا أخذه أخذه العصا، و يقال لمن استقر بعد تنقل: ألقي عصاه، قال الشاعر:
فألقت عصاها و استقر بها النوي کما فر عينا بالإياب المسافر[2]
و العصي من بنات الواو، و المعصية من بنات الياء قال الشاعر:
فجاءت بنسج العنكبوت كأنه علي عصويها سابري مشبرق[3]
و تقول عصي يعصي فهو عاص مثل رمي يرمي و اصل ألقي من اللقاء ألذي هو الاتصال، فألقي عصاه أي أزال اتصالها عما کان، و منه التقاء الحدين يعني اتصالهما، و الملاقاة كالمماسة، و زيدت ألف ألقي لتدل علي هذا المعني و انما صارت الياء ألفا في ألقي، لأنها في موضع حركة قبلها فتحة، و لذلك رجعت الي أصلها في ألقيت. و انما وجب هذا، لأنه بمنزلة التضعيف في موضع يقوي فيه التغيير مع نقل الحركة في حروف العلة.
و قوله «فَإِذا هِيَ ثُعبانٌ» فالثعبان هو الحية الضخمة الطويلة. و قال الفراء: الثعبان أعظم الحيات، و هو الذكر، و هو مشتق من ثعبت الماء أثعبه ثعباً إذا فجرته. و المثعب موضع انفجار الماء، فسمي الثعبان، لأنه يجري كعنق الماء عند الانفجار قال الشاعر:
علي نهج كثعبان العرين
و قيل: إن ذلک الثعبان فتح فاه، و جعل فهي فرعون بين نابيه فارتاع