و دلالة تشهد لك علي ما تقول «فات بها» أي هات بها «ان كنت» صادقا «من الصادقين» علي طريق اليأس منه بذلك و جهله بصحته و إمكانه.
و اختلف النحويون- هاهنا- في نقل (ان) الماضي الي الاستقبال، فقال ابو عباس لم تنقله هنا من أجل قوة (کان) لأنها أم الافعال، و لم يجزه من غيرها، و قال إبن السراج: المعني ان تكن جئت بآية أي ان يصح ذلک، لأنه إذا أمكن ان يجري الحرف علي أصله لم يجز إخراجه، و انما جاز نقل (ان) الماضي الي المستقبل للبيان عن قوتها في النقل إذ كانت تنقل الفعل نقلين الي الشرط و الاستقبال، کما أن (لم) تنقله الي النفي و الماضي.
و ضمير المخاطب في «كنت» يرجع الي المكني، و لا يجوز مثل ذلک في (ألذي) لان (ألذي) غائب فحقه أن يعود اليه ضمير الغائب، و قد أجازوه- إذا تقدمت كناية المتكلم- کما في قول الشاعر:
و انا ألذي قتلت بكرا بالقنا و تركت تغلب غير ذات سنام[1]
فعلي هذا لا يجوز أتيت ألذي ضربك عمرو، و الوجه ضربه. و انما جاز وقوع الامر في جواب الشرط، لان فيه معني: ان كنت جئت بآية فاني ألزمك أن تأتي بها، فقد عاد الي انه يجب الثاني بوجوب الاول. و لا يجوز مثل ذلک في الاستفهام، لأنه لم يقع معرفة غيره، و لو اتسع فيه جاز، مثل أن تقول: ان کان عندك دليل فما هو!، و لا يجوز: ان قدم زيد، فأ عمرو أقدمه! لان الالف لها صدر الكلام.
فَأَلقي عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعبانٌ مُبِينٌ (107) وَ نَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيضاءُ لِلنّاظِرِينَ (108)
آيتان بلا خلاف.