هم اهل القري الظالم أهلها، و المقيمون علي معاصي اللّه في کل وقت و کل أوان، و ان نزلت بسبب اهل القري الظالم أهلها المشركين في زمن النبي (ص).
و قوله «أَ وَ أَمِنَ أَهلُ القُري» انما قال- هاهنا- بالواو، و في الآية الاولي بالفاء، لان الفاء تدل علي ان الثاني ادي اليه الاول، كأنه قيل:
أ فأمنوا أن يأتيهم بأس اللّه من أجل ما هم عليه من تضييع امر اللّه، لأنه يشبه الجواب، و ليس كذلك الواو بل هي لمجرد العطف، و انما دخلت ألف الاستفهام عليها للإنكار علي ما بيناه، و الواو مفتوحة في «أو أمن» لأنها واو العطف دخل عليها حرف الاستفهام، و انما فتحت لأنها أخف الحركات، و لمثل ذلک فتحت ألف الاستفهام و كسرت باء الاضافة و لا مها، لأنهما حرفان لازمان لعمل الجِّر. و من قرأ هذه القراءة قال لأنها أشبه بما قبلها و ما بعدها، لأنه قال قبلها «أ فأمن» و قال بعدها «أو لم يهد» و من سكن الواو أراد الاضراب عن الاول من غير ان يبطل الاول، لكن كقوله «الم. تَنزِيلُ الكِتابِ لا رَيبَ فِيهِ مِن رَبِّ العالَمِينَ أَم يَقُولُونَ افتَراهُ»[1] فجاء هذا علي معني أمنوا هذه الضروب من معاقبتهم و الأخذ لهم. و ان شئت جعلته مثل (أو) الّتي في قولك ضربت زيدا او عمرا، كأنك أردت أ فأمنوا احدي هذه العقوبات، و (أو) حرف يستعمل علي ضربين:
أحدهما- بمعني احد الشيئين، كقولك: جاءني زيد أو عمرو، کما تقول: جاءني أحدهما، و من ذلک قولهم: جالس الحسن أو إبن سيرين، لأنه مخير في مجالسة أيهما شاء.
و الثاني- ان يکون بمعني الاضراب بعد الخبر كقولك: انا أخرج ثم تقول: أو أقيم، فتضرب عن الخروج و تثبت الاقامة، كأنك قلت: لا بل أقيم. و من ثم قال سيبويه في قوله «وَ لا تُطِع مِنهُم آثِماً أَو كَفُوراً»[2] لو قلت و لا تطع كفورا انقلب المعني، و انما کان ينقلب المعني لأنه لو کان