ادعُوا رَبَّكُم تَضَرُّعاً وَ خُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ (55)
آية قرأ أبو بكر «خفية» بكسر الخاء- هاهنا- و في الأنعام. الباقون بضمهما، و هما لغتان. أمر اللّه تعالي عباده المكلفين أن يدعوه و الدعاء، طلب الفعل بطريقة (اللهم افعل) و قد يجيء بطريقة غفر اللّه له، فهذه صيغة الخبر، و الأول صيغة الأمر غير أنه إنما يسمي أمراً إذا کان المقول له دون القائل، و إن کان فوقه سمي دعاء و طلباً. و أما قول القائل: يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا غفور يا قدير يا سميع و ما أشبه ذلک من اسماء اللّه، فإنما هو علي جهة النداء و معناه التعظيم.
و قوله «تَضَرُّعاً» فالتضرع التذلل، و هو اظهار الذل ألذي في النفس، و مثله الخشع و منه الطلب لأمر من الأمور. و أصل التضرع الميل في الجهات ذلًا من قولهم: ضرع الرجل يضرع ضرعاً إذا مال بإصبعه يميناً و شمالًا، ذلًا و خوفاً. و منه ضرع الشاة، لأن اللبن يميل. و منه المضارعة للمشابهة لأنها تميل الي شبهه بمعني المقاربة، و الضريع نبت لا يسمن و لا يغني من جوع، لأنه يميل مع کل داء.
و قوله «وَ خُفيَةً» فالخفية خلاف العلانية. قال إبن عباس: الخفية هي السرُّ، و به قال الحسن. و قال أبو علي: إنما ذاك لئلا يشوب الدعاء معني الرياء، و حد الإخفاء خلاف حد الاظهار، و الاظهار إخراج الشيء الي حيث يقع عليه الإدراك. و الإخفاء إغماضه بحيث لا يقع عليه الإدراك.
و قوله «إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ» فالمحبة من اللّه تعالي للعبد إرادة الثواب، و لذلك يحب المؤمن و لا يحب الكافر، و يحب الصلاح و لا يحب الفساد.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 4 صفحه : 424