أدلُّ علي كون فاعله عالماً قديراً يصرفه علي اختياره و يجريه علي مشيئته.
و قال أبو علي: ذلک لاعتبار الملائكة بخلق شيء بعد شيء. و قال الرماني:
يجوز أن يکون الاعتبار بتصور الحال في الاخبار، و معناه إذا أخبر اللّه تعالي بأنه «خَلَقَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ» کان فيه لطف للمكلفين، و کان ذلک وجه حسنه.
و قوله «ثُمَّ استَوي عَلَي العَرشِ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- أنه استولي کما قال البغيث:
ثم استوي بشر علي العراق من غير سيف و دم مهراق[1]
يريد بشر بن مروان.
الثاني- قال الحسن: استوي أمره. و قيل في معني «ثم استوي» ثلاثة أقوال:
أحدها- قال أبو علي: ثم رفع العرش بأن استولي عليه ليرفع.
الثاني- ثم بيَّن أنه مستوي علي العرش.
الثالث- ثم صح الوصف بأنه مستوي علي العرش، لأنه لم يكن عرشاً قبل وجوده.
و قوله «يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ» معناه يجلل الليل النهار أي يدخل عليه.
و قال الأزهري: أقبل عليه. و الاغشاء هو إلباس الشيء مارق بما يجلله، و منه غاشية السرج، و الغشاوة الّتي تخرج علي الولد، و غشي علي الرجل إذا غشيه ما يزيل عقله من عارض علة.
و من شدد العين، فلانه يدل علي الكثرة. و غشي فعل يتعدي الي مفعول واحد، كقوله «وَ تَغشي وُجُوهَهُمُ النّارُ»[2] فإذا نقلته بالهمزة أو التضعيف تعدي الي مفعولين، و قد ورد القرآن بهما قال اللّه تعالي