لان معناه يدعونه إلهاً فلما قال «مِن دُونِ اللّهِ» و هو من صفة الكفار دلَّ علي هذا المعني فحذف اختصارا. و انما قال «مِن دُونِ اللّهِ» مع انهم كانوا يشركون في العبادة بين اللّه و بين الأصنام لامرين:
أحدهما- ان ما وجهوه من العبادة الي الأوثان انما هو عبادة لها لا للّه، و ليس كالتوجه الي القبلة عبادة للّه.
و الثاني- أن ذلک غير معتد به، لأنهم أوقعوا العبادة علي خلاف الوجه المأمور به فما أطاعوا اللّه بحال.
و قوله «كَذلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم» قيل في معناه أربعة أقوال:
أحدها- قال الحسن و الجبائي و الطبري و الرماني: انا کما أمرناكم بحسن الدعاء الي اللّه تعالي و تزيين الحق في قلوب المدعوين كذلك زينا للأمم المتقدمين أعمالهم الّتي أمرناهم بها و دعوناهم اليها بأن رغبناهم في الثواب، و حذرناهم من العقاب و يسمي ما يجب علي الإنسان أن يعمله بأنه عمله کما يقول القائل لولده أو غلامه: اعمل عملك يريد به ما ينبغي له أن يفعله، لان ما وجد و تقضي لا يصح الامر بأن يفعله.
الثاني- زينا الحجة الداعية اليها و الشبهة الّتي من كمال العقل ان يکون المكلف عليها، لأنه متي لم يفعل معني الشبهة لم يكن عاقلا.
الثالث- التزيين المراد به ميل الطبع الي الشيء فهو الي الحسن ليفعل و الي القبيح ليجتنب.
و الرابع- ذكره البلخي أيضا، و هو أن المعني ان اللّه زين لكل أمة عملهم من تعظيم من خلقهم و رزقهم و أنعم عليهم، و المحاماة عنه و عداوة من عاداه طاعة له، فلما کان المشركون يظنون شركاءهم هم الّذين يفعلون ذلک أو أنهم يقربونهم الي اللّه زلفي، حاموا عنهم و تعصبوا لهم و عارضوا من شتمهم بشتم من يعز عليهم، فهم لم يعدوا فيما صنعوا ما زينه اللّه لهم في الجملة، لكن غلطوا فقصدوا بذلك من لم يجب ان يقصدوه فكفروا و ضلوا.