قرأ الحسن و يعقوب «عدوا» بضم العين و الدال و تشديد الواو. و الباقون بفتح العين و بسكون الدال. و أصل ذلک من العدوان. و «عدوا» مخففا و «عدوّا» لغتان، يقال عدا علي عدوا و عدوانا و عداء إذا ظلم مثل ضرب ضربا. و عدا فلان علي فلان أي ظلمه. و الاعتداء افتعال من عدا.
نهي اللّه تعالي المؤمنين أن يسبوا الّذين يدعون من دون اللّه. و السب الذكر بالقبيح و مثله الشتم و الذم و هو الطعن فيه بمعني قبيح، کما يطعن فيه بالسنان، و أصله السبب، فهو تسبب الي ذكره بالعيب.
و المعني في الآية لا تخرجوا في مجادلتهم و دعائهم الي الايمان و محاجتهم الي ان تسبوا ما يعبدونه من دون اللّه، فان ذلک ليس من الحجاج في شيء، و هو أيضا يدعوهم الي أن يعارضوكم و يسبوا اللّه بجهلهم و حميتهم، فأنتم اليوم غير قادرين علي معاقبتهم بما يستحقون، و هم أيضا لا يتقونكم، لان الدار دارهم و لم يؤذن لكم في القتال.
و کان سبب نزول الاية- في قول الحسن- أن المسلمين كانوا يسبون آلهة المشركين من الأوثان، فإذا سبوها يسب المشركون اللّه تعالي، فأنزل اللّه تعالي الاية. و قال أبو جهل: و اللّه يا محمّد لتتركوا سب آلهتنا أو لنسبن إلهك ألذي بعثك، فنزلت الآية. و في ذلک دلالة علي ان المحَّق يلزمه الكف عن سب السفهاء الّذين يسرعون الي سبه مقابلة له، لأنه بمنزلة البعث علي المعصية و المفسدة فيها. و انما قال «يَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ» بمعني يعبدون،
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 4 صفحه : 232