اللّه علي الاختراع أصلا. فاما الابتداع فقد يقع منه، لأنه قد يفعل فعلا لم يسبق اليه. و اما «بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ» فلا يوصف به غير اللّه لأنه خالقهما علي غير مثال سبق.
و قوله «أَنّي يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ» معناه و كيف يکون له ولد. و قيل: معناه من اينکه يکون له ولد! و لم تكن له صاحبة، فالولد هو الحيوان المتكون من حيوان، فعلي هذا آدم ليس بولد، لأنه لم يتكون عن والد، و المسيح (ع) ولد، لان مريم ولدته فهو متكون عنها، و ان لم يكن عن ذكر، و الصاحب هو القرين اللازم، و لذلك يقال: اصحاب الصحراء، و في القرآن اصحاب النار و أصحاب الجنة. و معناه المقارنون لها. و قد يکون المقارن لما هو من جنسه و ما ليس من جنسه، فيوصف بانه صاحب الا انه لا بد من مشاكلته و يقال: صاحب القرآن أي حافظه، و صاحب الدار مالكها.
و قوله: «وَ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ» يحتمل أمرين:
أحدهما- ان يکون أراد ب (خلق) قدر، فعلي هذا تكون الآية عامة، لأنه تعالي مقدر کل شيء.
و يحتمل ان يکون أحدث کل شيء، فعلي هذا يکون مخصوصا، لأنه لم يحدث أشياء كثيرة من مقدورات غيره، و ما هو معدوم لم يوجد علي مذهب من يسميها أشياء. و كقديم آخر، لأنه يستحيل.
و قوله: «وَ هُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ» عام، لان اللّه تعالي يعلم الأشياء كلها قديمها و محدثها، موجودها و معدومها، لا تخفي عليه خافية.
ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُم لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ فَاعبُدُوهُ وَ هُوَ عَلي كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ (102)
آية بلا خلاف.
«ذلک» اشارة الي ما تقدم ذكره من وصف اللّه بانه «بَدِيعُ السَّماواتِ