نسقا علي نوح. و يحتمل أن يکون قوله «وَ مِن ذُرِّيَّتِهِ» الهاء راجعة الي نوح لان الأنبياء المذكورين كلهم من ذريته. قال الزجاج و يجوز أن يکون من ذريته ابراهيم لان ذكرهما جميعا قد جري، و أسماء الأنبياء الّتي جاءت بعد قوله «وَ نُوحاً هَدَينا مِن قَبلُ» نسق علي (نوح) نصب كلها، و لو رفعت علي الابتداء کان صوابا. قال أبو علي الجبائي: الهاء لا يجوز أن تكون كناية عن ابراهيم، لان فيمن عدد من الأنبياء لوطا و هو کان إبن أخته، و قيل إبن أخيه، و لم يكن من ذريته.
و هذا ألذي قاله ليس بشيء، لأنه لا يمنع أن يکون غلب الأكثر. و جميع من ذكر من نسل ابراهيم، علي أنه قال فيما روي عنه إبن مسعود أن الياس:
إدريس، و هو جدُّ نوح، و لم يكن من ذريته، و مع هذا لم يطعن علي قول من قال: إنها كناية عن نوح. و قال إبن إسحاق: الياس هو إبن اخي موسي و يجوز أن تكون الهاء كناية عن ابراهيم و يکون من سمَّاهم الي قوله «كُلٌّ مِنَ الصّالِحِينَ» من ذريته، ثم قال «وَ إِسماعِيلَ وَ اليَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً» فعطفهم علي قوله «وَ نُوحاً هَدَينا».
و في الآية دلالة علي أن الحسن و الحسين من ولد رسول اللّه (ص)، لأن عيسي جعله اللّه من ذرية ابراهيم أو نوح، و إنما كانت أمه من ذريتهما.
و الوجه في الآيات أن اللّه تعالي أخبر أنه رفع درجة ابراهيم بما جعل في ذريته من الأنبياء و جزاه بما وصل اليه من السرور و الابتهاج عند ما أعلمه عن ذلک و بما أبقي له من الذكر الرفيع في الأعقاب، و الجزاء علي الإحسان لذة و سرور من أعظم السرور و اكثر اللذات إذا علم الإنسان بأنه يکون من عقبة و ولده المنسوبين اليه أنبياء يدعون الي اللّه و يجاهدون في سبيله و يكونون ملوكا و خلفاء يطيعون اللّه و يحكمون بالحق في عباد اللّه.
ثم اخبر انه جزي نوحا بمثل ذلک علي قيامه في الدعاء اليه و الجهاد في سبيله. و الهداية في الآيات كلها هو الإرشاد الي الثواب دون الهداية الّتي هي