و الالف و اللام کما أدخلت في نظائرها يقولون: فلان يقول بالحق، بمعني أنه يقول الحق، لا أن الحق معني غير القول بل التقدير ان خلق اللّه السماوات و الإرض حكمة و صواب من حكم اللّه، و هو موصوف بالحكمة في خلقهما و خلق ما سواهما من جميع خلقه لا أن هناك حقا سوي خلقهما خلقهما به، و ذلک يدل علي بطلان ما يقوله المجبرة: ان هذا كله باطل و سفه، و ما يخالف الحكمة هو من فعل اللّه، تعالي اللّه عن ذلک.
و الثاني- قال قوم: معني ذلک أنه خلق السماوات و الإرض بكلامه، و هو قوله «ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً»[2] قالوا: فالحق هو كلامه و استشهدوا علي ذلک بقوله «وَ يَومَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَولُهُ الحَقُّ»[3] أن الحق هو قوله و كلامه. قالوا و اللّه خالق الأشياء بكلامه، و ذلک يوجب أن يکون كلامه قديما غير مخلوق، و قد بينا فساد هذا الوجه فيما تقدم، و المعتمد الاول.
و قوله «وَ يَومَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ» نصب (يوم) علي وجوه:
أحدها- علي معني و اتقوا «يَومَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ» نسقا علي الهاء کما قال: «وَ اتَّقُوا يَوماً لا تَجزِي نَفسٌ عَن نَفسٍ شَيئاً»[4].
و الثاني- أن يکون علي معني و اذكر يوم يقول كن فيكون لان بعده «وَ إِذ قالَ إِبراهِيمُ» و المعني و اذكر «يَومَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ» و اذكر «إِذ قالَ إِبراهِيمُ» و هو ألذي أختاره الزجاج.
و الثالث- أن يکون معطوفا علي «السَّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقِّ» و خلق «يَومَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ». فان قيل: ان يوم القيامة لم يخلق بعد! قيل:
ما أخبر اللّه بكونه فحقيقة واقع لا محالة و قال قول: التمام عند قوله «كن» و قوله «فَيَكُونُ قَولُهُ الحَقُّ» ابتداء أي ما وعدوا به من الثواب و حذروا به من العقاب كائن حق قوله بذلك.