يُرِد ثَوابَ الدُّنيا نُؤتِهِ مِنها» قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها- من عمل للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة- في قول إبن إسحاق- أي فلا يغتر بحاله في الدنيا.
[الثاني]-[1] من أراد بجهاده ثواب الدنيا أي النصيب من الغنيمة في قول أبي علي الجبائي.
الثالث- من يرد ثواب الدنيا بالتعرض له بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في الدنيا من غير حظ في الآخرة لإحباط عمله بفسقه علي مذهب من يقول بالإحباط، و من يرد بعلمه ثواب الآخرة نؤته إياها. و (من) في قوله:
«منها» تكون زائدة. و يحتمل أن تكون للتبعيض، لأنه يستحق الثواب علي قدر عمله. و إنما كرر قوله: «وَ سَنَجزِي الشّاكِرِينَ» ها هنا، و في الآية الأولي، لأمرين:
أحدهما- للتأكيد ليتمكن المعني في النفس.
الثاني- «وَ سَنَجزِي الشّاكِرِينَ» من الرزق في الدنيا، عن إبن إسحاق لئلا يتوهم ان الشاكر يحرم ما يعطاه الكافر مما قسم له في الدنيا. و قال الجبائي في الآية دلالة علي أن اجل الإنسان إنما هو أجل واحد. و هو الوقت ألذي يموت فيه، لأنه لا يقتطع بالقتل عن الأجل ألذي أخبر اللّه أنه اجل لموته. و قال إبن الاخشاذ:
لا دليل فيه علي ذلک، لأن للإنسان أجلين أجل يموت فيه لا محالة، و أجل هو موهبة من اللّه تعالي له، و مع ذلک فلن يموت إلا عند الأجل ألذي جعله اللّه أجلا لموته. و الأقوي الأول، لأن الأجل عبارة عن الوقت ألذي يحدث فيه الموت أو القتل، و بالتقدير لا يکون الشيء أجلا کما لا يکون بالتقدير ملكا، و قد بينا في شرح الجمل ذلک مستوفي.