نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 3 صفحه : 605
رسل ليسوا بآلهة. و انه أتي بالمعجزات من قبل اللّه کما أتوا بها من قبل ربهم، فمن ادعي له الإلهية فهو كمن ادعي الالهية لجميعهم لتساويهم في المنزلة و معني «خلت» مضت. «وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- أنها كانت تصدق بآيات ربها و منزلة ولدها، و تصدقة فيما أخبرها به بدلالة قوله «وَ صَدَّقَت بِكَلِماتِ رَبِّها»[1] ذكر ذلک الحسن، و الجبائي.
الثاني- لكثرة صدقها و عظم منزلتها فيما تصدق به من أمرها أو سميت صديقة علي وجه المبالغة، کما قيل: رجل سكيت. أي مبالغ في السكوت.
و قوله «كانا يَأكُلانِ الطَّعامَ» فيه احتجاج علي النصاري، لأن من ولدته النساء، و کان يأكل الطعام لا يکون إلها للعباد لأن سبيله سبيلهم في الحاجة الي الصانع المدبر، لأن من فيه علامة الحدث، لا يکون قديماً. و من يحتاج الي غيره لا يکون قادراً لا يعجزه شيء و قيل إن ذلک كناية عن قضاء الحاجة لأن من أكل الطعام لا بد أن يحدث حدثاً مخصوصاً علي مجري العادة.
و قوله «انظُر كَيفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ» أمر للنبي و أمته بأن يكفروا فيما بين اللّه من الآيات و الدلالات لهم علي بطلان ما اعتقدوه من ربوبية المسيح، و نبوته ثم أمره بأن ينظر ثانياً «أَنّي يُؤفَكُونَ» أي كيف يؤفكون. و قيل من أين يؤفكون و معني «يؤفكون» يصرفون. و قيل يقبلون. و المعني متقارب، لان المعني انظر كيف يصرفون عن الآيات الّتي بيناها لهم و يقال:
لكل مصروف عن شيء مأفوك عنه، و قد افكت فلاناً عن كذا أي صرفته عنه صرفاً. فأنا آفكه إفكاً فهو مأفوك و قد أفكت الإرض إذا صرف عنها المطر،