ابراهيم فسألهم من اينکه خبزوا! فقالوا من الدقيق ألذي جئت به من عند خليلك[1] المصري فقال: لا بل من عند خليلي اللّه (عز و جل) فسماء اللّه خليلا. فهذا ما روي و هو من آيات الأنبياء (ص) فاما الاشتقاق فالخلة بضم الخاء: الصداقة.
و الخلة بفتح الخاء: الحاجة، و استعمل في الحاجة، للاختلال ألذي يلحق الفقير فيما يحتاج اليه. و الخلة بمعني الصداقة، فلان کل واحد منهما يسد خلل صاحبه في المودة، و الحاجة. و قيل: لأنه يطلعه علي اسراره فكأنه في خلل قلبه و الخلل: کل فرجه تقع في شيء و الخلال: هو ما يتخلل به لأنه يتبع به الخلل بين الأسنان.
قال الشاعر:
و نظرن من خلل الستور بأعين مرضي مخالطها السقام صحاح
يعني نظرن من الفرج الّتي في الستور و قولهم: لك خلة من خلال. تأويله إني أخلي لك من رأيي، او مما عندي عن خله من خلال و معني أخلي أخلل. فأبدل من إحدي اللامين ياء و يجوز أن يکون أخلي من الخلوة، و الخلوة و الخلل يرجعان الي معني واحد. و الخلل: الطريق في الرمل إذا انفرجت منه فرجة فصارت طريقاً.
و الخل ما يؤكل معروف. و اختار الفراء و البلخي. أن يکون من الخلة الّتي هي الفقر قال: و يخالف المحبة، لان المحبة من اللّه لعبده هي الثناء عليه و مدحه له، و لأنه يحب الإنسان ما ليس من جنسه، و لا يخاف إلا ما هو من جنسه. و علي ما بيناه، لا يمنع ذلک و إن کان فيه بعض التجوز. و قال الازهري: الخليل ألذي خص بالمحبة يقال: دعا فلان فخلل أي خص. و اختاره الجبائي هذا الوجه و قال: کل نبي فهو خليل اللّه، لأنه خصه بما لم يخص به غيره. و الخلة: الخصلة، و جمعها خلال. و انما خص اللّه تعالي ابراهيم بأنه خليله من الفقر، و ان کان الخلق كلهم فقراء إلي رحمته تشريفاً له بالنسبة اليه، و اختصاصه به من حيث انه فقير اليه لا يرجو لسد خلته سواه.
و خص ابراهيم من بين سائر الأنبياء بانه خليل اللّه علي المعنيين، کما خص موسي بانه كليم اللّه و محمّد (ص) بانه حبيب اللّه، و عيسي بانه روح اللّه و لا يلزم علي ذلک