فيه الغرامة، و ان لم يكن إثم فيه، أو آثماً فيه علي عمد منه، و هو ما يستحق به العقاب «ثُمَّ يَرمِ بِهِ بَرِيئاً» يعني أضافه إلي من هو بريء منه «فَقَدِ احتَمَلَ بُهتاناً» يعني فقد تحمل بفعله ذلک فرية و كذباً «وَ إِثماً مُبِيناً» يعني و جرماً عظيما.
و البهتان: الكذب ألذي تتحير فيه من عظمه و بيانه. يقال: بهت فلان:
إذا كذب. و بهت يبهت: إذا تحير، قال اللّه تعالي: «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»[1] و إنما قال (به) و قد ذكر الخطيئة و الإثم قال الفراء: لأنه يجوز أن يكني عن الفعلين أحدهما مؤنث و الآخر مذكر بلفظ التذكير و التوحيد و لو كثر لجازوت الكناية بالتوحيد، لأن (الأفاعيل) تقع علي فعل واحد، فكذلك جاز، فان شئت جعلتها لواحد، و إن شئت جعلت الهاء للاثم خاصة کما قال: «وَ إِذا رَأَوا تِجارَةً أَو لَهواً انفَضُّوا إِلَيها»[2] فجعله للتجارة. و في قراءة عبد اللّه (و إذا رأوا لهواء أو تجارة) فجعله للتجارة في تقديمها و تأخيرها. و لو ذكر علي نية اللهو لجاز و قد جاء مثني، قال تعالي: «إِن يَكُن غَنِيًّا أَو فَقِيراً فَاللّهُ أَولي بِهِما»[3] و في قراءة أبي (إن يكن غنياً أو فقيراً فاللّه أولي بهم). و في قراءة عبد اللّه بن مسعود مثله، لأنه في مذهب الجمع کما يقول: أصبح النّاس صائماً و مفطراً، فأدي اثنان عن الجمع. و قال الزجاج:
المعني ثم يرمي بذلك بريئاً. قال رؤبة:
فيه خطوط من سواد و بلق كأنه في الجلد توليع البهق[4]
أي كأن ذلک. و اختلفوا فيمن عني به بقوله: (بريئاً) بعد إجماعهم علي أن الرامي إبن أبيرق، فقال قوم: البريء رجل مسلم يقال له: لبيد بن سهل. و قال آخرون: بل
هو رجل يهودي يقال له زيد بن السمين. و قد ذكرناه فيما مضي.
و بالأخير قال إبن سيرين، و رواه ابو الجارود عن أبي جعفر (ع).