عدوكم- الّتي بيناها لكم «فَاذكُرُوا اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً» أي في حال قيامكم و في حال قعودكم، و مضطجعين علي جنوبكم. و الجنب: الجانب تقول نزلت جنبه أي جانبه بالتعظيم له و الدعاء لأنفسكم بالظفر علي عدوكم لعل اللّه أن يظفركم بهم.
و ينصركم عليهم. و ذلک مثل قوله تعالي: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَ اذكُرُوا اللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ»[1]. و هو قول إبن عباس و أكثر المفسرين. و قوله: «فَإِذَا اطمَأنَنتُم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» اختلفوا في تأويله، فقال قوم معناه إذا استقررتم في أوطانكم و أقمتم في أمصاركم «فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» يعني أتموا الّتي أذن لكم في قصرها في حال خوفكم في سفركم و ضربكم في الإرض. ذهب إليه مجاهد، و قتادة و قال آخرون معناه إذا استقررتم بزوال الخوف من عدوكم، و حدوث الامن لكم، فأقيموا الصلاة أي فأتموا حدودها بركوعها، و سجودها. ذهب إليه السدي، و إبن زيد، و مجاهد في رواية أخري. و هو اختيار الجبائي، و البلخي و الطبري. و أقوي التأويلين قول من قال: إذا زال خوفكم من عدوكم، و أمنتم فأتموا الصلاة بحدودها غير قاصرين لها عن شيء من حدودها، لأنه تعالي عرف عبادة الواجب عليهم من فرض صلاتهم بهاتين الآيتين في حالين:
إحداهما- حال شدة الخوف أذن لهم فيها بقصر الصلاة علي ما بيناه من قصر حدودها، و الاقتصار علي الإيماء.
و الثانية- حال غير شدة الخوف أمرهم فيها باقامة حدودها و إتمامها علي ما مضي من معاقبة بعضهم بعضاً في الصلاة خلف أئمتها، لأنه قال: «وَ إِذا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ» فلما قال: «فَإِذَا اطمَأنَنتُم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» کان معلوماً انه يريد إذا اطمأنتم من الحال الّتي لم تكونوا فيها مقيمين صلاتكم فأقيموا الصلاة بجميع حدودها غير قاصرين لها.
و قال إبن مسعود نزلت الآية في صلاة المرضي. و الظاهر بغيره أشبه. و قوله:
«إِنَّ الصَّلاةَ كانَت عَلَي المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً» اختلفوا في تأويله، فقال قوم: