و وجه‌ اتصال‌ ‌قوله‌: «وَ لا يُظلَمُون‌َ فَتِيلًا» ‌بما‌ قبله‌ ‌أنه‌ ‌لما‌ ‌قال‌: «بَل‌ِ اللّه‌ُ يُزَكِّي‌ مَن‌ يَشاءُ» نفي‌ ‌عن‌ نفسه‌ الظلم‌ لئلا يظن‌ ‌أن‌ الامر بخلافه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ النساء (4): آية 50]

انظُر كَيف‌َ يَفتَرُون‌َ عَلَي‌ اللّه‌ِ الكَذِب‌َ وَ كَفي‌ بِه‌ِ إِثماً مُبِيناً (50)

‌-‌ آية بلا خلاف‌-‌.

اللغة:

النظر ‌هو‌ الإقبال‌ ‌علي‌ الشي‌ء بالبصر و ‌من‌ ‌ذلک‌ النظر بالقلب‌، لأنه‌ إقبال‌ ‌علي‌ الشي‌ء بالقلب‌، فكذلك‌ النظر بالرحمة، و نظر الدهر ‌إلي‌ الشي‌ء: ‌إذا‌ أهلكه‌، و النظر ‌إلي‌ الشي‌ء تلمسه‌ و النظر إليه‌ بالتأميل‌ ‌له‌. و الانتظار: الإقبال‌ ‌علي‌ الشي‌ء بالتوقع‌ ‌له‌. و الانظار التأخير ‌إلي‌ وقت‌. و الاستنظار سؤال‌ الانظار. و المناظرة: اقبال‌ ‌کل‌ واحد ‌علي‌ الآخر بالمحاجة. و النظير مثل‌ الشي‌ء ‌لا‌ قباله‌ ‌علي‌ نظيره‌ بالمماثلة.

و الفرق‌ ‌بين‌ النظر بالعين‌، و ‌بين‌ الرؤية ‌أن‌ الرؤية ‌هي‌ إدراك‌ المرئي‌، و النظر إنما ‌هو‌ الإقبال‌ بالبصر نحو المرئي‌، و لذلك‌ ‌قد‌ ننظر و ‌لا‌ نراه‌، ‌کما‌ يقولون‌: نظرت‌ ‌إلي‌ الهلال‌ فلم‌ أره‌، و لذلك‌ يجوز ‌أن‌ يقال‌ ‌في‌ اللّه‌ ‌أنه‌ رائي‌. و ‌لا‌ يجوز ‌أن‌ يقال‌ ناظر.

و ‌قوله‌: «كَيف‌َ يَفتَرُون‌َ» فالافتراء و الاختلاق‌ متقاربان‌، و الفرق‌ بينهما ‌أن‌ الافتراء ‌هو‌ القطع‌ ‌علي‌ كذب‌ أخبر ‌به‌، و اختلق‌ قدر كذباً اخبر ‌به‌، لأن‌ الفري‌ القطع‌، و الخلق‌ التقدير.

المعني‌:

و افتراؤهم‌ الكذب‌ ‌علي‌ اللّه‌ هاهنا المراد ‌به‌ تزكيتهم‌ لأنفسهم‌ بانا «أَبناءُ اللّه‌ِ وَ أَحِبّاؤُه‌ُ» و ‌أنه‌ «لَن‌ يَدخُل‌َ الجَنَّةَ إِلّا مَن‌ كان‌َ هُوداً أَو نَصاري‌» ذكره‌ ‌إبن‌ جريح‌ و ‌قوله‌: «وَ كَفي‌ بِه‌ِ إِثماً مُبِيناً» معناه‌ تعظيم‌ إثمه‌ و إنما يقال‌ كفي‌ ‌به‌ ‌في‌ العظم‌ ‌علي‌ جهة المدح‌ ‌أو‌ الذم‌، كقولك‌: كفي‌ بحال‌ المؤمن‌ نبلا و كفي‌ بحال‌ الكافر إثماً