مثلها من المضرة.
الثالث. قال الفراء: معني (بجهالة) أي لا يعلمون كله ما فيه من العقوبة، کما يعلم الشيء ضرورة.
الرابع- (بجهالة) أي و هم يجهلون أنها ذنوب و معاصي، اختاره الجبائي، قال: يفعلونها بجهالة إما بتأويل يخطئون فيه، أو بان يفرطوا في الاستدلال علي قبحها، قال الرماني:
هذا ضعيف، لأنه تأويل بخلاف ما أجمع عليه المفسرون، قال أبو العالية: إن أصحاب رسول اللّه (ص) كانوا يقولون: کل ذنب أصابه عبد فبجهالة، و قال قتادة:
أجمع أصحاب رسول اللّه (ص) علي ذلک، و أيضاً فانه يوجب أن من علم أنها ذنوب أن لا يکون له توبة، لأن قوله: «إِنَّمَا التَّوبَةُ» يفيد أنه لهؤلاء دون غيرهم، و ظاهر الآية يدل علي أن اللّه يقبل التوبة من جميع المعاصي كفراً کان أو قتلا أو غيرهما من المعاصي، و يقربه أيضاً قوله: «وَ الَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلّا بِالحَقِّ ...» إلي قوله: «إِلّا مَن تابَ»[1] فاستثني من القتل، کما استثني من الزنا و الشرك، و حكي عن الحسن أنه قال: لا يقبل اللّه توبة القاتل. و روي أنه إنما قال ذلک لرجل کان عزم علي قتل رجل علي أن يتوب فيما بعد، فأراد صده عن ذلک. و قولة «فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيهِم» بعد قوله «ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ» معناه إن اللّه يقبل توبتهم إذا تابوا و أتابوا، و قوله: «من قريب» حث علي أن التوبة يجب أن تكون عقيب المعصية، خوفا من الاخترام، و ليس المراد بذلك أنها لو تأخرت لما قبلت. و قال الزجاج: معناه ثم يتوبون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان و بين الموت قريب، و التوبة مقبولة قبل اليقين بالموت. و قال الحسن، و الضحاك، و إبن عمر: القريب ما لم يعاين الموت.
و قال علي (ع) ، و قد قيل له: فان عاد! قال: يغفر اللّه له و يتوب، مراراً، قيل:
إلي متي! قال: حتي يکون الشيطان هو المحسور.
و قال السدي، و إبن عباس:
في حال الصحة قبل الموت. و قوله: «وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً» معناه هاهنا: و کان اللّه