آية بلا خلاف.
قال الحسن: المعني بقوله: «ضُرِبَت عَلَيهِمُ الذِّلَّةُ» اليهود أذلهم اللّه عز و جل، فلا عز لهم و لا منعة، و أدركتهم هذه الأمة. و إن المجوس لتجبيهم الجزية «و ضربت» مأخوذ من الضرب، و إنما قيل ضربت، لأنها ثبتت عليهم کما ثبتت بالضرب کما أخذت منه الضريبة، لأنها تثبت علي صاحبها کما تثبت الضرب. و قوله: «أَينَما ثُقِفُوا» أي أينما وجدوا، يقال: ثقفته أي وجدته، و لقيته. فان قيل: كيف جاز عقابهم علي ما لم يفعلوه من قتل الأنبياء. و إنما فعله أسلافهم دونهم. قلنا:
عنه جوابان:
أحدهما- أنهم عوقبوا علي رضاهم بذلك. و أجري عليهم صفة القتل لعظم الجرم في رضاهم به، فكأنهم، فعلوه علي نحو «يُذَبِّحُ أَبناءَهُم» و إنما أمر به.
و الثاني- أن تكون الصفة تعم الجميع، فيدخلوا في الجملة و يجري عليهم الوصف علي التغليب کما يغلب المذكر علي المؤنث إذا اجتمعا، فكذلك غلب القاتل علي الراضي. و قوله: «إِلّا بِحَبلٍ مِنَ اللّهِ» فالحبل هو العهد من اللّه، و عهد من من النّاس علي وجه الذمة، و غيرها من وجوه الأمان في قول إبن عباس، و الحسن و مجاهد، و قتادة، و السدي، و الربيع. و سمي العهد حبلا، لأنه يعقد به الأمان کما يعقد بالحبل من حيث يلزم به الشيء کما يلزم بالحبل. و قال الأعشي:
فإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخري اليك حبالها[1]
و العامل في الباء من قوله «إِلّا بِحَبلٍ مِنَ اللّهِ» يحتمل أن يکون العامل محذوفا و المعني إلا أن تعتصموا بحبل من اللّه علي قول الفراء و أنشد: