وَ أَمَّا الَّذِينَ ابيَضَّت وُجُوهُهُم فَفِي رَحمَتِ اللّهِ هُم فِيها خالِدُونَ (107)
إن قيل: لم ذكر تعالي حال الكافرين و حال المؤمنين و لم يذكر حال الفاسقين!
قلنا: ليقابل اسوداد الوجوه لابيضاض الوجوه بالعلامتين، و حال الفاسقين موقوفة علي دلالة أخري و آية أخري. و قوله: «فَفِي رَحمَتِ اللّهِ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- انهم في ثواب اللّه و ان الرحمة هي الثواب.
و الثاني- انهم في ثواب رحمة اللّه، فحذف، کما قال: (وَ سئَلِ القَريَةَ)[1] ذكره الزجاج. و الاول أجود، لأن الرحمة هاهنا هي الثواب و إذا صح حمل الكلام علي ظاهره من غير حذف کان أولي من تقدير محذوف منه من غير ضرورة. و الآية تدل علي أن ثواب اللّه تفضل، لأن رحمة اللّه إنما هي نعمته، و کل نعمة فانه يستحق بها الشكر، و کل نعمة تفضل، و لو لم تكن تفضلا لم تكن نعمة. و قيل في وجه كونه تفضلا قولان:
أحدهما- إنما کان تفضلا، لأن السبب ألذي هو التكليف تفضل.
و الثاني- إنه تفضل لأنه بمنزلة إيجاز الوعد في أنه تفضل مستحق، لأن المبتدئ به قد کان له أن لا يفعله، فلما فعله وجب عليه الوفاء به، لأنه لا يجوز الخلف، و هو مع ذلک تفضلا، لأنه جر إليه تفضل، و اختار الرماني هذا الوجه.
و إنما كرر الظرف في قوله: «فَفِي رَحمَتِ اللّهِ هُم فِيها خالِدُونَ» لأمرين:
أحدهما- للتأكيد، و الثاني- للبيان عن صحة الصفتين أنهم في رحمة اللّه، و انهم فيها خالدون، و کل واحدة قائمة بنفسها.