الثاني- قول أبي العالية، و مجاهد: ان معناه «أسلم» أي بالإقرار بالعبودية و إن کان فيهم من أشرك في العبادة، كقوله: «وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَهُم لَيَقُولُنَّ اللّهُ»[1] و قوله: «وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ»[2] و معناه ما ركب اللّه في عقول الخلائق من الدعاء إلي الإقرار بالربوبية ليتنبهوا علي ما فيه من الدلالة.
الثالث- قال الحسن: «وَ لَهُ أَسلَمَ مَن فِي السَّماواتِ وَ الأَرضِ طَوعاً وَ كَرهاً» قال: أكره أقوام علي الإسلام و جاء أقوام طائعين.
الرابع- قال قتادة: أسلم المؤمن طوعاً، و الكافر كرهاً عند موته، کما قال:
«فَلَم يَكُ يَنفَعُهُم إِيمانُهُم لَمّا رَأَوا بَأسَنا»[3] و اختاره البلخي. و معناه التخويف لهم من التأخر عما هذه سبيله.
الخامس- قال عامر، و الشعبي و الزجاج، و الجبائي أن معنان: استسلم بالانقياد و الذلة، کما قال تعالي: «قالَتِ الأَعرابُ آمَنّا قُل لَم تُؤمِنُوا وَ لكِن قُولُوا أَسلَمنا»[4] أي استسلمنا، و معناه الاحتجاج به.
و سادسها- قال الفراء و الأزهري إنما قال «طَوعاً وَ كَرهاً» لأن فيهم من أسلم ابتداء رغبة في الإسلام، و فيهم من أسلم بعد أن قوتل و حورب، فسمي ذلک كرهاً مجازاً و إن کان الإسلام وقع عنده طوعاً.
و قوله: «طَوعاً وَ كَرهاً» نصب علي أنه مصدر، وقع موقع الحال، و تقديره طائعاً أو كارهاً، کما تقول أتاني ركضاً أي راكضاً. و لا يجوز أن تقول أتاني كلاماً أي متكلماً، لأن الكلام ليس بضرب من الإتيان و الركض ضرب منه.
قوله: «إليه ترجعون» معنا تردون إليه للجزاء فإياكم و مخالفة الإسلام فيجازيكم بالعقاب. قال اللّه تعالي:منکه «وَ مَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَ هُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ»[5].