الثاني- قال السدي، و إبن جريج: هو علي الاتصال بالهدي دون الاعتراض، و المعني «قُل إِنَّ الهُدي هُدَي اللّهِ أَن» لا «يُؤتي أَحَدٌ مِثلَ ما أُوتِيتُم» أيها المسلمون، كقوله «يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُم أَن تَضِلُّوا»[1] و أن لا «يُحاجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم» لأنه لا حجة لهم.
الثالث- قال الكسائي، و الفراء: «أَو يُحاجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم» بمعني حتي «يُحاجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم» علي التبعيد کما يقال لا تلتقي معه أو تقوم الساعة.
الرابع- قال أبو علي: «قُل إِنَّ الهُدي هُدَي اللّهِ» فلا تجحدوا «أَن يُؤتي أَحَدٌ مِثلَ ما أُوتِيتُم».
الخامس- قال الزجاج: «وَ لا تُؤمِنُوا إِلّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُم» لئلا تكون طريقاً لعبدة الأوثان إلي تصديقه.
السادس- «أَو يُحاجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم» ان اعترفتم به، فيلزمكم العمل به منهم، لاقراركم بصحته.
و في دخول اللام في قوله: «إلا لمن» قيل فيه قولان:
أحدهما- أن تكون زائدة كاللام في قوله: «رَدِفَ لَكُم»[2] أي ردفكم بمعني لا تصدقوا إلا من تبع دينكم. قال المبرد: إنما يسوغ ذلک علي تقدير المصدر بعد تمام الكلام، فأما قام لزيد بمعني قام زيد، فلا يجوز، لأنه لا يحمل علي التأويل إلا بعد التمام.
و القول الآخر- لا تعترفوا بالحق «إِلّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُم» فتدخل للتعدية، و قال أبو علي الفارسي لا يجوز أن يتعلق اللام في قوله: (لمن تبع دينكم) بقوله: «و لا تؤمنوا»، لأنه قد تعلق به حرف الجر في قوله: (بأن يؤتي) کما لا يتعلق مفعولان بفعل واحد. فان قيل: لم جاز حذف (لا) من قوله تعالي «أَن يُؤتي أَحَدٌ مِثلَ ما أُوتِيتُم» علي قول من قال ذلک! قلنا: الدلالة عليها كالدلالة في