قتادة صلّت الأنصار نحو بيت المقدس حولين قبل قدوم النبي (ص) و صلّي النبي (ص) بعد قدومه المدينة ستة عشر شهراً ثم وجهه اللّه الي الكعبة. و لا خلاف ان التوجه الي بيت المقدس قبل النسخ کان فرضاً واجباً. ثم اختلفوا فقال الربيع: کان ذلک علي وجه التخيير، خير اللّه نبيه بين ان يتوجه الي بيت المقدس و بين غيرها.
و قال إبن عباس و أكثر المفسرين کان ذلک فرضاً معينا- و هو الأقوي-، لقوله:
«وَ ما جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيها» فبين انه جعلها قبلة، و ظاهر ذلک انه معين، لأنه لا دليل علي التخيير، علي انه لو ثبت انه کان مخيراً لما خرج من ان يکون فرضاً، کما ان الغرض ان يصلي الصلاة في الوقت ثم هو مخير بين أوله و أوسطه و آخره.
و قوله: «يَهدِي مَن يَشاءُ إِلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ» معنا: يهديهم الي الدين المستقيم ألذي يؤديهم الي الجنة، فلذلك سماه صراطاً کما يؤدي الطريق الي المقصد.
وَ كَذلِكَ جَعَلناكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَي النّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً وَ ما جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيها إِلاّ لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلي عَقِبَيهِ وَ إِن كانَت لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَي الَّذِينَ هَدَي اللّهُ وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُم إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (143)
آية بلا خلاف.
قرأ إبن كثير و نافع و إبن عامر و حفص عن عاصم «لرؤوف» علي وزن لرعوف. الباقون «لرؤف» علي وزن (فعُل).