من الأمر سمي بذلك لظهور السرور في بشرة وجهه عند إخباره بما يسره، لأن أصله البشرة و هي ظاهر الجلد. و قوله: «بِكَلِمَةٍ مِنهُ» هو المسيح سماه اللّه كلمة علي قول إبن عباس و قتادة و ذلک يحتمل ثلاثة أوجه: سمي بذلك، لأنه کان بكلمة اللّه من غير والد و هو قوله: «كُن فَيَكُونُ»[1]. الثاني- لأن اللّه تعالي بشربه في الكتب السالفة، کما تقول: ألذي يخبرنا بأمر يکون [إذا خرج موافقاً لأمره][2] قد جاء في قول لي و كلامي. فمن البشارة به في التوراة آتانا اللّه من سببنا، فأشرق من ساعير و استعلن من جبال فاران. و ساعير هو الموضع ألذي بعث منه المسيح (ع). الثالث- لأن اللّه يهدي به کما يهدي بكلمته. و القول الثاني مما قيل في الكلمة: أنها بمعني البشارة كأنه قيل ببشارة منه: ولد اسمه المسيح و التأويل الأول أقوي، لقوله: «إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَي ابنُ مَريَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلقاها إِلي مَريَمَ وَ رُوحٌ مِنهُ»[3]، و لأنه معلوم من دين المسلمين أن كلمة اللّه المسيح (ع)، و إنما ذكر الضمير في اسمه و هو عائد إلي الكلمة، لأنه واقع علي مذكر، فإذا ذكر ذهب إلي المعني، و إذا أنث ذهب إلي اللفظ. و قيل في تسمية المسيح مسيحاً: قولان:
أحدهما- قال الحسن، و سعيد: لأنه مُسح بالبركة. و قال آخرون: لأنه مُسح بالتطهر من الذنوب. و قال الجبائي سمي بذلك، لأنه مُسح بدهن زيت بورك فيه. و كانت الأنبياء تتمسح به. فان قيل: يجب علي ذلک أن يکون الأنبياء كلهم يسمون مسيحاً! قلنا: لا يمتنع أن يختص بذلك بعضهم، و إن کان المعني في الجميع حاصلا، کما قالوا في إبراهيم خليل اللّه. و أصله ممسوح عدل عن مفعول إلي فعيل. و قوله: (وجيهاً) نصب علي الحال. و معني الوجيه الكريم علي من يسأله