و في قوله: «وَ لِكُلٍّ وِجهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها» أقوال:
أحدهما- قال مجاهد، و الربيع، و إبن زيد، و إبن عباس، و السدي: أن لكل أهل ملة من اليهود و النصاري.
الثاني- قال الحسن: إن لكل نبي وجهة واحدة: و هي الإسلام و ان اختلف الأحكام کما قال: «لِكُلٍّ جَعَلنا مِنكُم شِرعَةً وَ مِنهاجاً» اي في شرائع الأنبياء.
الثالث- قال قتادة: هو صلاتهم الي بيت المقدس، و صلاتهم الي الكعبة.
الرابع- ان لكل. قوم من المسلمين وجهة، من کان منهم وراء الكعبة و قدامها أو عن يمينها أو عن شمالها، و هو ألذي اختاره الجبائي. و الوجهة قيل فيه قولان:
أحدهما- انه قبلة. ذهب اليه مجاهد، و إبن زيد. الثاني قال الحسن: هو ما شرعه اللّه لهم من اسلام.
و في (جهة) ثلاث لغات: وجهة، وجهة، و وجه. و إنما أتم لأنه اسم لم يجيء علي الفعل. و من قال: جهة. قال المبرد: جاء به علي قولهم وجهني، و وجهته.
و معني «مُوَلِّيها» مستقبلها- في قول مجاهد و غيره. كأنه قال: مول إليها، لان ولي اليه نقيض ولي عنه. كقولك: انصرف اليه، و انصرف عنه. و قوله «هو» عائد- علي قول اكثر المفسرين- الي کل. و قال قوم يعود علي اسم اللّه حكاهما الزجاج.
و «الخَيراتِ» هي الطاعات للّه- علي قول إبن زيد و غيره- و قوله: «يَأتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً» يعني يوم القيامة- من حيث ما متم من بلاد اللّه- و هو قول السدي، و الربيع و قد روي «وَ لِكُلٍّ وِجهَةٌ» مضاف غير منون- و ذلک لا يجوز، لأنه يکون الكلام ناقصاً، لا معني له و لا فائدة فيه. و قوله: «فَاستَبِقُوا» يحتمل معنيين:
أحدهما- بادروا الي ما أمرتم به مبادرة من يطلب السبق اليه.
الثاني- قال الربيع: سارعوا الي الخيرات. و هو الاولي، لأنه أعم.