و الاستباق، و الابتدار، و الاسراع نظائر. قال صاحب العين: السبق: القدمة في الجري و في کل أمر. تقول: له في هذا الامر سبقة، و سابقة و سبق: أي سبق النّاس اليه. و السبق الخطر ألذي يوضع بين اهل السباق، و جمعه اسباق. و السباقان في رجل الطائر الجارح قيداه من خيط أو سير. و اصل الباب السبق: التقدم في الامر.
وَ مِن حَيثُ خَرَجتَ فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المَسجِدِ الحَرامِ وَ إِنَّهُ لَلحَقُّ مِن رَبِّكَ وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلُونَ (149)
آية بلا خلاف.
قيل في تكرار قوله تعالي: «فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المَسجِدِ الحَرامِ» قولان:
أحدهما- أنه لما کان فرضاً، نسخ ما قبله، کان من مواضع التأكيد لينصرف الي الحال الثانية بعد الحال الاولي علي يقين.
و الثاني- أنه مقدم لما يأتي بعده و يتصل به، فأشبه الاسم ألذي تكرره لتخبر عنه باخبار كثيرة كقولك: زيد كريم، و زيد عالم، و زيد حليم، و ما أشبه ذلک مما تذكره لتعلق الفائدة به و إن كانت في نفسها معلومة عند السامع، و معني قوله «وَ إِنَّهُ لَلحَقُّ» الدلالة علي وجوب المحافظة- من حيث کان حقاً للّه فيه طاعة-، و معني قوله «وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلُونَ» هاهنا التهديد کما يقول الملك لعبيده ليس يخفي علي ما أنتم فيه، و مثله قوله: «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرصادِ»[1]. و الوجه الجارحة المخصوصة و قد حده الرماني بانه صفيحة فيها محاسن تعرف بها الجملة، و حيث مبنية علي الضمّ، لأنها كالغاية تمامها الاضافة الي المفرد، دون الجملة، لها بمنزلة الصلة، فجرت لذلك مجري قوله «من قبل و من بعد».[2]